استتمام ما بقي، ولا لورثته إن هو مات، فالمعنى في ذلك عندي إذا كان قد اقتضى البعض، وبقي البعض، لأن ما اقتضى قد وجب له فيه جزؤه، فلم يخسر عناءه جملة. وهذا الموضع هو الذي قال فيه أصبغ: إنه استحسان، وإن فيه مغمزا وانكسارا على وجه القياس. وهو كما قال؛ لأنه إذا اقتضى البعض، فقد لزم الجاعل الجعل، وإذا لزمه لم يسقط عنه بموته، ولزم ورثته من ذلك ما لزمه في وجه النظر والقياس على الأصل.
وأما لو مات الجاعل بعد أن عمل المجعول له في الطلب والشخوص والقيام، وقبل أن يقتضي شيئا، لما صح أن يبطل حقه في ذلك بموت الجاعل فيذهب عناؤه باطلا، ولوجب أن يكون له ولورثته إن مات القيام مكانه في اقتضاء ما كان قام عليه فيه، وأشرف على اقتضائه منه دون خلاف، كما أنه لو كان الجعل في غير اقتضاء الديون، مثل أن يجعل له جعلا في طلب آبق، أو في حفر بئر، فمات الجاعل بعد أن حفر المجعول له بعض البئر، أو خرج في طلب الآبق؛ للزم ذلك ورثته، ولم يقع في ذلك خلاف.
ولو كان الجعل في مثل الحصاد، واللقط بأن يقول له: ما حصدت من زرعي هذا، أو لقطت من زيتوني هذا، فلك نصفه أو ثلثه، فمات الجاعل بعد أن حصد بعض الزرع، أو لقط بعض الزيتون، لم يكن للمجعول له التمادي على الحصاد، ولا على اللقط دون رضا ورثة الجاعل بلا خلاف؛ لأن ما حصد أو لقط قد وجب له حقه فيه، وما لم يحصد ولم يلقط، فليس له فيه عمل يذهب بخروجه، فقف على افتراق أحكام هذه المسائل الثلاث لافتراق معانيها، والجعل على الاقتضاء يكون لورثة الجاعل أن يمنعوا المجعول له من التمادي على الاقتضاء في الاستحسان دون القياس. والجعل على الحفر وطلب الآبق وشبهه ليس لهم أن يمنعوه من التمادي على الحفر والطلب في استحسان ولا قياس. والجعل على الحصاد