وقد قال جماعة من أهل العلم أن من غصب أرضا فزرعها لنفسه بطعامه أن الزرع لصاحب الأرض؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ليس لعرق ظالم حق» فمن ذهب إلى هذا لم يحل عنده شراء ذلك الطعام منه؛ لأنه في حكم العين المغصوب، ومن لم ير للمغصوب منه الأرض إلا كراء أرضه يكره شراء ذلك الطعام منه حتى يصلح شأنه مع رب الأرض لمخالطة الحرام ماله ومراعاة لقول المخالف وهو قول مالك.
وأما كراهيته الإقطاع في أرض مصر فالمعنى في ذلك أنها افتتحت عنده عنوة، ومن مذهبه أنه لا يجوز الإقطاع في أرض العنوة، وهو قول ابن حبيب في باب زكاة المعادن من كتاب الزكاة، وإنما يجوز للإمام أن يقطع على مذهب مالك فيما جلى عنه أهله بغير قتال، وفي الفيافي البعيدة من العمران وحده، ما لم تنله أخفاف الإبل للمرعى.
وعند أبي حنيفة أن يصيح صائح في طرف العمران فلا يسمعه، وأما ما قرب من العمران من الموات، فقيل: إنه لمن أحياه، وقيل: ليس لأحد أن يحييه إلا بإذن الإمام، وهو قول مالك في المدونة، واختلف إن أحياه بغير إذنه على هذا القول، فقيل: يكون الإمام مخيرا بين أن يمضيه له أو يعطيه قيمته منقوضا ويخرجه منه، وقيل: إن له أن يمضي له مراعاة للاختلاف فيه وهو ظاهر المدونة،