قال سحنون: قال مالك: لا شفعة في الأكرية، وقاله ابن القاسم.
قال محمد بن رشد: قول مالك أرى شريكه أولى بها في مسألة الكراء وفي مسألة الثمرة، يريد أولى بها من المشتري بالثمن الذي بذل فيها، لا أنه يأخذ الثمرة من المشتري بالشفعة بعد تمام الشراء والكراء من المكتري بالشفعة بعد تمام الكراء، فليس ما قاله مالك في مسألة الثمرة والكراء بخلاف لما حكى سحنون عن مالك وابن القاسم من أنه لا شفعة في الأكرية؛ لأنهما مسألتان.
فالمسألة الأولى: وهي أن الشريك أولى بالثمرة وبالكراء بما بذل المشتري والمكتري فيها من الثمن والكراء لا خلاف فيها، وكذلك يجب في كل شيء مشترك لا شفعة فيه، ومثله قول مالك في الذي تكون تحته الأمة لقوم فتلد منه فيبيعونها وولدها أنه أحق بها بما يعطى فيها، وقد مضى القول في ذلك في رسم نقدها من سماع عيسى من كتاب النكاح.
والمسألة الثانية: وهي هل تكون له الشفعة في الكراء بعد تمامه وفي الثمرة بعد الشراء أم لا؟ فيها اختلاف، اختلف في ذلك قول مالك، وقع اختلاف قوله في الثمرة في المدونة وفي الكراء في الواضحة، وأخذ بوجوب الشفعة في ذلك ابن الماجشون وابن عبد الحكم، وبأن لا شفعة في ذلك ابن القاسم ومطرف وأصبغ، وبه أخذ ابن حبيب، وكذلك اختلف قول مالك أيضا في الشفعة في الكتابة والدين يباعان، هل يكون للمكاتب والذي عليه الدين الشفعة في ذلك أم لا؟ فقال مرة: إن لهما الشفعة في ذلك، وأخذ به مطرف وابن الماجشون وابن وهب، وأشهب