تكارى كل يوم بدرهم، ففي كراء الدار مشاهرة ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يلزم الشهر الأول، ولا ما بعده، والثاني: أنه يلزم فيه الشهر الأول ولا يلزم ما بعده من الشهور، والثالث: أنه يلزمه الشهر الأول، وكراء ما بعده من كل شهر بسكنى بعضه.
وقول ابن القاسم: وأنا أرى في الذي يقول أكريك السنة بكذا وكذا، مثل ما قال مالك في وكل صحيح، ومعناه: أن السنة لا تتعين عنده بقوله أكريك السنة بكذا وكذا، كما لا يتعين عند مالك بقوله أكريك في السنة بكذا وكذا أو أكريك في كل سنة بكذا وكذا، وإنما لم تتعين السنة بقوله أكريك السنة بكذا وكذا لأن الألف واللام لم يدخلا على السنة لتخصيصها من غيرها في لزوم الكراء فيها، وإنما دخلا عليها لتخصيص السنة من غيرها في مقدار ما يجب لها من الكراء، وهذا هو معنى الكلام الذي يسبق إلى فهم السامع ولا يصح فيه خلاف بوجه من الوجوه.
وقد حكى ابن سهل في أحكامه أنه رأى في حاشية كتاب بعض شيوخه أنه إن قال أكريك السنة بكذا - بنصف السنة - كان سنة لازمة، وإن قال أكريك السنة بكذا - بالرفع - كان مثل قوله: كل سنة بكذا، على رواية ابن القاسم، واستحسنه، ولا وجه عندي لاستحسانه إياه؛ لأنه إذا قال أكريك السنة بكذا بنصب السنة احتمل أن يريد بذلك أكريك داري هذه السنة بكذا، وأن يريد بذلك أكريك داري هذه ما سكنت من حساب السنة بكذا، وإذا كان الكلام محتملا لهذين الوجهين وأحدهما يلزم به كراء السنة، والثاني لا يلزم به كراؤها لم يصح أن يحمل إلا على الوجه الذي لا يلزم به كراؤها؛ لأن الأصل براءة الذمة من لزوم الكراء، فلا يلزم إلا بيقين.
وأما إذا قال أكريك السنة كذا بالرفع فليست بمسألة يتكلم عليها، إذ لا إشكال في أن كراء السنة لا يلزم بذلك، وما تكلم ابن القاسم عليها، وإنما تكلم على الذي قال أكريك السنة بكذا بالنصب فرأى الكراء بذلك غير لازم في