قال محمد بن رشد: في بعض الكتب والسلفة تشبه كراء الدور وهو أحسن، ويريد أنه يشبهها في أن البيع ينتقض في السلعة إذا تخالفا فيما زاد على الأربعين سلا التي قبض، كما ينتقض في كراء الدار إذا تخالفا فيما زاد على الستة الأشهر التي سكن، بخلاف كراء الحمولة، للضرر الداخل على المكتري في انتقاض الكراء في بعض الطريق.
ولو كان اختلافهما في بلدة لا يعدم فيه الكراء لانتقض إذا تخالفا فيما بقي من الطريق كالسلعة وككراء الدار.
وقوله: إنهما يتحالفان ويتفاسخان على كراء عشرة في السنة - لفظ وقع على غير تحصيل؛ لأن الواجب على أصولهم أن يتحالفا ويتفاسخا على كراء خمسة في السنة، كما ادعى الساكن إذا أشبه ما قال، أشبه ما قال رب الدار أو لم يشبه، فتقسم الخمسة على ما سكن وما لم يسكن، فيرد حصة ما بقي، فلا يلزم الساكن في الستة الأشهر التي سكن إلا ديناران ونصف؛ لأنه مدعى عليه في الزائد، وإنما يتحالفان ويتفاسخان على كراء عشرة في السنة كما ادعى رب المنزل إذا أشبه ما قال، ولم يشبه ما قال الساكن، فتقسم العشرة على ما سكن وما لم يسكن، فلا يرد الدار شيئا من الخمسة التي قبض؛ لأنها واجبة له في الستة الأشهر التي سكن على حساب عشرة في السنة، ولو لم يشبه قول واحد منهما لكان لرب الدار بعد أيمانهما كراء المثل في الستة الأشهر التي سكن، ويرد الزائد على ذلك من الخمسة التي قبض.
وكذلك قوله في مسألة السلفة: إنه يرد عليه من الدينار بقدر ما أخذ من حساب مائة بدينارين لفظ وقع على غير تحصيل؛ لأن الواجب أن يرد من الدينار ما زاد على ما يجب للأربعين التي قبضها المشتري على حساب مائتي سل بدينارين إذا أشبه ما قال، أشبه ما قال البائع أو لم يشبه، فيقسم الدينار على المائتي سل، فلا يلزم المبتاع في الأربعين التي قبض إلا خمسا دينار.
وإنما يرد من الدينار على حساب مائة سل بدينارين، كما ادعى البائع إذا أشبه ما قال، ولم يشبه ما قال المبتاع، فيلزم المبتاع على هذا في الأربعين التي قبض أربعة أخماس دينار، وبالله التوفيق.