وجد حاجته دون البلد (رجع) وكان له بحساب ما سار غرر لانفساخ الكراء فيما بقي من الأمد، فهذه هي العلة عنده في المسألتين جميعا، لا الخيار إلى أمد بعيد كما قال الفضل؛ لأنه إذا جاز أن يكتري الرجل الدار سنة بكذا على أن كل واحد منهما بالخيار يخرج المكتري متى ما أراد ويخرجه رب الدار متى ما أراد جاز على أن أحدهما بالخيار قياسا على البيع الذي يجوز على أن أحد المتبايعين فيه بالخيار كما يجوز على أنهما جميعا فيه بالخيار، وأما إذا اشترط في كراء الدابة إلى البلد المسمى أنه إن لم يجد حاجته بالبلد الذي تكارها إليه تقدم بها إلى موضع آخر، ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك لا يجوز إلا أن يسمى الموضع الذي شرط أنه بالخيار في أن يتقدم إليه ويكون تبعا للكراء الأول وبحسابه، فإن لم يكن تبعا للكراء الأول أو كان بخلافه أرخص أو أغلى أو مبهما لا يدرى إن كان بحسابه أم لا؟ إلا بعد (النظر) لم يجز.
وهو مذهب ابن الماجشون لعلة الأطماع، وذلك أنه لم يكر منه الوجيبة الأولى إلا رجاء في الثانية، وليس على يقين منها لكون المكتري بالخيار فيها.
والثاني: أن ذلك جائز إذا سمى الموضع الذي شرط أن يتقدم إليه إن شاء أو كان وجهه معروفا وإن لم يسمه وكان بحساب الكراء الأول، وإن لم يكن تبعا وهو ظاهر قول مالك في أول رسم من سماع أشهب بعد هذا، وما في رسم أوصى من سماع عيسى بعد هذا. ووجه هذا: أن علة الإطماع عنده ضعيفة فلم يعتبرها إلا مع اختلاف الكراء.
والثالث: أن ذلك جائز إذا سمى الموضع الذي شرط أن يتقدم إليه إن شاء أو كان وجهه معروفا وإن كان بخلاف الكراء الأول وغير تبع له، وهذا مذهب ابن القاسم على أصله في ترك الاعتبار بعلة الإطماع، وقد اختلف في علة المنع من اجتماع الجعل