النظر له بأكثر مما كان أكرى منه أو بأقل فإنه ينظر، فإن كان أكرى بأكثر كان المتكاري بالخيار، إن شاء أخذ منه قدر رأس ماله وأعطاه الفضل فتكون إقالة، وإن شاء رده وكان الكراء كله للمتكاري، وإن كان أكرى بأقل لم يضمن، وكان له كراؤه، وكان عليه الرجوع ثانية، إلا أن يتراضيا على شيء فيكونان على ما اصطلحا عليه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة وقعت هاهنا، وفي الرواحل والدواب من المدونة وهي تتفرع إلى وجوه تنقسم إليها في بعضها اختلاف.
وتحصيل القول فيها: أنه إن ترك الكري الرفع إلى السلطان أو التلوم والإشهاد في موضع ليس فيه سلطان فلا يخلو أمره من أن يكون أكرى إبله راجعا أو رجع بها فارغا، فإن أكراها راجعا فلا يخلو من أن يكون أكراها لنفسه أو للمكتري، وإن رجع بها فارغا فلا يخلو أيضا من أن يكون الكراء موجودا أو غير موجود، فأما إذا أكرى لنفسه فالكراء له، وعليه الرجوع ثانية قولا واحدا، وأما إذا أكرى للمكتري، فقيل: إن المكتري مخير، إن شاء أخذ الكراء كله إن كان لم ينقد أو قدر رأس ماله منه إن كان نقد، وإن شاء رده على الطعام وهو قول سحنون هاهنا. ومذهب ابن القاسم وروايته عن مالك على ما في المدونة.
وقيل: يفسخ الكراء الأول ويلزم المكتري الكراء الثاني، إلا أنه لا يأخذ الفضل إن كان نقد وهو ظاهر رواية ابن وهب عن مالك في المدونة.