للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: هذه مسألة مشكلة، إذ لم يبين فيها هل كان الكراء الذي بقيت منه البقية مضمونا أو معينا؛ ولا هل كانت البقية منه ركوبا على المكري، أو كراء علي المكتري، وتأويلها يصح على الوجهين، من أن الكراء مضمون ومعين.

فأما إن كان الكراء مضمونا فالمعنى فيها أن المكري عجز عن توصيل المكتري إلى البلد الذي أكراه إليه، وله على المكتري بقية من كرائه لم يستوفها منه، فأكرى له من يوصله إلى ذلك البلد بالبقية التي بقيت له على المكتري وبزيادة يزيده إياها من عنده، فكره ذلك مالك وابن القاسم وخففاه جميعا، ووجه الكراهة في ذلك أنه دين بدين؛ لأن المكتري انتقل في كرائه من ذمة المكري الأول إلى ذمة المكري الثاني.

ووجه التخفيف فيه: أن المكري الأول لما كان هو الذي سأل المكري الثاني أن يحمله بما كان له وعليه وبما زاده، فكأنه اكترى منه ذلك لنفسه، ووجب الكراء له، فلم ينتقل المكتري بذلك عن ذمته إلى ذمة المكري الثاني.

وقول ابن القاسم: وإن سأل المتكاري أن يحتال على المكري الأول إلى آخر قوله، معناه: أنه عجز عن توصيله إلى ذلك البلد، وقد انتقد، فاكترى المكتري من يوصله إلى ذلك البلد بالركوب الذي بقي له على المكري الأول، يحتال به عليه وبزيادة زاده إياها، فلم يجز ذلك؛ لأنه الدين بالدين كما قال سحنون؛ لأن المكتري اكترى ركوبا غير ناجز بالركوب الذي بقي له على المكري الأول وهو غير ناجز أيضا.

وقد قيل: إن المعني في ذلك أن المكري عجز عن توصيله إلى ذلك البلد، وقد انتقد فاكترى المكتري من يوصله إلى ذلك البلد ولم يشترط النقد، ولا كانت سنة الكراء على النقد، فأراد أن يحيله على المكاري الأول بما وجب له به الرجوع عليه، لعجزه عن حمله، فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>