يريد مثل ما قصر عنه من البلوغ إلى مكة في طريق مثله في السهولة، ولم يفرق بين أن يكون قد سار قبل أن يرجع أقل الطريق أو أكثره، خلاف قول ابن القاسم في رسم كتاب المدينين من آخر سماع عيسى في تفرقته بين أن يكون رجع بعد أن سار من الطريق الشيء اليسير، مثل البريد والبريدين، أو بعد أن سار جله، وهذا الاختلاف مبني على القول بأن من أكرى دابة إلى موضع فله أن يركبها إلى موضع آخر إذا كان مثله في السهولة أو الحزونة، والقياس على ذلك قول مالك.
وجعل ابن القاسم رجوعه بعد أن سار جل الطريق رضا منه بترك باقي حقه. وليس ذلك ببين في القياس؛ لأنه يقول ما تركت بقية حقي ولا رجعت إلا على أن أركب في طريق آخر مثل ما قصرت عنه إلى البلد الذي اكتريت إليه، ونهاية ما عليه أن يحلف ما رجع إلا على ذلك، ولا رضي بترك بقية حقه على القول بلحوق يمين التهمة، إذ لا يمكن للمكري أن يدعي علم نيته.
وأما على القول بأن من اكترى دابة إلى موضع فليس له أن يركبها إلى موضع آخر وإن كان مثله في السهولة والحزونة إلا برضا صاحب الدابة وهو قول ابن القاسم في المدونة، أو بأنه ليس له أن يركبها إلى موضع آخر وإن رضي بذلك صاحب الدابة؛ لأنه دين بدين، وهو قول غير ابن القاسم في المدونة، فيلزمه جميع الكراء إذا رجع من الطريق وإن لم يسر منه إلا يسيرا، وليس له أن يركب الدابة ولا