والمعنى في ذلك سواء؛ لأنه إذا زاد فهو يرد الزيادة مما قبض، وهذا لا يجوز في الكراء المضمون باتفاق، ويجوز في المعين على اختلاف.
فإن كان تكلم في هذه الرواية على كراء معين فهو خلاف ما مضى من قول مالك في أول رسم من سماع أشهب، والأولى أن يحمل هذا على الكراء المضمون، فلا يكون خلافا لما مضى في سماع أشهب؛ ولم ير انتقاله من المحمل إلى الزاملة، ومن الزاملة إلى المحمل فسخ دين في دين؛ لأنه ركوب في الوجهين جميعا، فيقرب بعضه من بعض، ولو أراد أن يتحول من الزاملة أو المحمل إلى جمل الأحمال والأعكام أو من جمل الأحمال والأعكام إلى ركوب زاملة أو محمل بزيادة من أحدهما أو من غير زيادة لم يجز؛ لأنه فسخ دين في دين على ما قاله في أول سماع أصبغ بعد هذا، ويجوز ذلك على مذهب ابن الماجشون فيما حكى عنه ابن حبيب من أنه يجوز أن يتكارى الرجل من المدينة إلى مكة دواب بأعيانها صفقة واحدة لمحامل وركبان ورجعته بأحمال مجلدة، أو الأحمال المجلدة هي الأول، والمحامل والركبان في الرجعة؛ لأن ذلك كله مشتبه، ولا يجوز أن يتكارى منه ظهرا بعينه لسقي شجر أو زرع مدة معلومة ومن بعدها حجة أو عمرة، أو لحجة وعمرة ومن بعدها سقي زرع أو شجرة وجيبة واحدة؛ لأنهما شيئان متباينان مختلفان.
وتحصيل هذا أن الكراء ثلاثة أجناس متوالية: أولها الركوب، ثم الحمل، ثم السقي والحرث، فيجوز أن يحول الركوب بعضه في بعض وإن اختلفت صفاته فكان بعضه زوامل وبعضه محامل، والحمل بعضه في بعض وإن اختلفت صفاته فكان بعضه أخفى من بعض وأكثر كراء، والحرث والسقي بعضه في بعض وإن اختلفت أيضا؛ لأن كل جنس منها يقرب بعضه من بعض، ولا يجوز على مذهب ابن القاسم تحويل جنس من هذه الأجناس في الآخر، ويجوز على مذهب ابن الماجشون تحويل الركوب في الحمل لقرب ما بينهما، وتحويل الحمل في السقي والحرث لقرب ما بينهما أيضا، ولا يجوز عنده تحويل الركوب في السقي والحرث لبعد ما بينهما.
وهذا في الكراء المضمون، ولا يجوز شيء منه في الكراء المعين إلا على القول بأن قبض أوائل الكراء قبض