حبيب أنهما إن نكلا كان القول قول المكري دون يمين على حكم المدعي والمدعى عليه أن القول قول المدعى عليه دون يمين إذا نكل المدعي بعد نكوله، وكما يكون القول قول من أقام شاهدا على حقه دون يمين إذا نكل المدعى عليه بعد نكوله بعد أن يحلف لقد أكرى منه إلى المدينة وهو صحيح من التأويل؛ لأن اليمين التي نكل عنها إنما هي التي ألزم إياها، وهي ما أكرى منه إلى مكة، وأما يمينه لقد أكرى منه إلى المدينة فلم ينكل عنها إذا لم يمكن منها، ولا ألزم إياها، وإنما يحلفها باختياره، نظرا لنفسه حسبما ذكرناه، وقد ذكرنا هذا المعنى في رسم الصبرة من سماع يحيى من كتاب جامع البيوع.
وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان القول قول الحالف منهما، إن نكل المكري أولا حلف المكتري لقد اكترى منه إلى مكة أو إلى المغرب ووجب له ذلك، وإن حلف المكري أولا ثم نكل المكتري عن اليمين لزمه الكراء إلى المدينة إن كان المكري حلف أولا أنه أكراه إلى المدينة أو أنه ما أكراه إلا إلى المدينة.
وأما إن كان حلف ما أكراه إلى مكة أو إلى المغرب فلا بد له أن يحلف إذا نكل المكتري ثانية بالله لقد أكراه إلى المدينة، وسواء في هذا على مذهب ابن القاسم انتقد المكتري الكراء أو لم ينتقد.
وقال غيره في المدونة: إن كان انتقد فالقول قوله، وسواء في هذا أتيا بما يشبه (أو بما لا يشبه) أو أتى أحدهما بما يشبه والثاني بما لا يشبه على المشهور في المذهب، وقال ابن وهب: إن أتى أحدهما بما يشبه والثاني بما لا يشبه كان القول منهما قول من أتى بما يشبه، وقد روى هذا القول عن مالك، ويقوم ذلك من قول ابن القاسم في هذه الرواية أنهما إذا اختلفا فقال الكري: أكريتك إلى المدينة، وقال المكتري: اكتريت منك إلى مكة - إن القول قول المكتري، إذا كان ذلك في أيام الحج، وكانت حمولته