سار المكتري كثيرا وإن لم يبلغ المسافة فهو بمنزلة إذا اختلف المتبايعان في ثمن السلعة بعد أن قبضها وفاتت، وإنما كان الركوب الكثير فوتا بمنزلة بلوغ المسافة من أجل أن التفاسخ لا يمكن في بعض الطريق إلا بضرر يدخل عليهما.
وهو معنى ما أراد بقوله؛ لأن المتكاري قد انتقد حمولته، يقول: لأنه قد وجب له الركوب إلى تمام غايته، وسواء كان الكراء مضمونا أو معينا، قاله في المدونة، ولغيره فيها ليس الراحلة بعينها كالمضمون. يريد، والله أعلم: أن القول قول المكتري في الكراء في الراحلة بعينها إذا قبضها وإن لم يسر إلا يسيرا، كما يكون القول قول المشتري في الثمن إذا قبض السلعة وإن لم تفت على قياس رواية ابن وهب عن مالك، وأنه لا يكون القول قوله في الكراء في الراحلة بغير عينها إلا فيما مضى من الطريق، ويكون القول قول الكري فيما بقى منه.
وإن كان دفع إليه جملا يركبه فلا يكون أحق به من الغرماء إن فلس، خلافا لابن القاسم في الموضعين.
وقوله: وإن قال: أكريتك إلى المدينة، وقال المتكاري: أكريت منك إلى مكة وذلك في أيام الحج، فالقول قول المتكاري، ويحلف إذا كان في أيام الحج وكانت حمولته محامل وزوامل يقوم منه أن المتبايعين إذا اختلفا في ثمن السلعة قبل القبض، وأتى أحدهما بما يشبه دون الآخر، وأن المتكاريين إذا اختلفا في الكراء أو في المسافة قبل الركوب، وأتى أحدهما بما يشبه دون الآخر أن القول قول الذي أتى منهما بما يشبه، ولا يتحالفان ويتفاسخان، وهو خلاف المشهور في المذهب.
وقد روي ذلك عن مالك، وهو قول ابن وهب في الدمياطية،