للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهب من كتاب العارية، وقال في المدونة وغيرها إن من أذن لرجل أن يبني في أرضه أو يغرس فيها فلما بنى وغرس فيها أراد أن يخرجه إن ذلك له ويعطيه قيمة ما أنفق في بنيانه وغرسه. فذهب ابن لبابة وابن أيمن وغيرهما من الشيوخ إلى أن ذلك اختلاف من القول، إذ لا فرق بين المسألتين في المعنى. وحكى العتبي عن سحنون أنه قال: إنما فرق بين المسألتين لحديث النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يمنعن أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره» . يريد أن من أهل العلم من يرى القضاء بالحديث، ويحمله على ظاهره في الوجوب، وهو قول ابن كنانة من أصحاب مالك، وإن لم يأذن صاحب الجدار، فكيف إذا أذن؟ وحكى ابن حبيب عن مالك وغيره من رواية مطرف وابن الماجشون أنه إذا أرفق جاره بوضع خشبة على جداره فليس له إلى رفعها ولا إلى هدم الحائط سبيل، طال الزمان أو قصر، احتاج إليه أو استغنى عنه، لا هو ولا ورثته بعده، ولا أحد ممن اشترى منهم إلا أن يهدم الجدار ثم يعيده صاحبه لهيئته فليس لصاحبه أن يعيد خشبة عليه إلا بإذن مستأنف، قالوا: وكذلك كل ما أذن فيه مما يقع فيه العمل والإنفاق من البنيان في حق الإذن والغرس والإرفاق بالماء من العيون أو البيار لمن ينشئ عليه غرسا ويبتدئ عليه عملا فلا رجوع فيه، عاش أو مات، باع أو ورث احتاج أو استغنى، وهو كالعطية. ولو اشترط أن يرجع في ذلك متى شاء لبطل الإذن على هذا الشرط قبل العمل، ولبطل الشرط بعد العمل، لما فيه من الضرر بالعامل. قالوا: وما كان لا يتكلف فيه عمل ولا كبير إنفاق، مثل فتح باب أو فتح طريق إلى مختلف في فناء الأذن، أو أرضه، أو إرفاق بماء لشفه أو لسقي شجر قد أنشئت وغرست قبل ذلك فنضب ماؤها، أو غارت آبارها، فهذا مما للآذن فيه الرجوع إذا شاء، إلا أن يكون يوم أذن له بهذه الأشياء قد حد له حدا، ووقت له وقتا من

<<  <  ج: ص:  >  >>