فساقه، ومنهم من اكترى، فأقاموا بذلك نحوا من أربعين سنة أو أكثر حتى حيي ذلك وبلغت النخيل، ثم إن بعضهم باع حظه، فقال المشتري حيث اشترى لمن يمر منهم عليه بمائه: لا أدعك تمر به علي، وقال الذي يمر به عليه: هذا الماء لم يزل هكذا منذ أربعين سنة، لا نعرف إلا ذلك. فهل للمالك يمر بمائه في أرضه؟ فقال: نعم، فقال مالك: أرى أن يدعوهم القاضي بأصل قسم ما قاسموا عليه، فإن أتوا به حملهم عليه، وإن لم يكن إلا ما هم عليه أقروا على ذلك، ولم يكن له أن يمنعه. أرأيت الذي باعه لو جاء الآن يمنعهم؟ ما أرى شيئا الآن أمثل أن يقروا على حالهم إذا لم يكن قسم معروف.
قال محمد بن رشد: قوله أرى أن يدعوهم القاضي بأصل قسم ما قاسموا عليه، فإن أتوا به حملهم عليه، يريد أنه إن كان في أصل ما اقتسموا عليه مرور الماء على البائع لزمه، ولم يكن للمشتري في ذلك كلام، إلا أن يكون لم يعلم بذلك فيكون عيبا فيما اشتري، إن شاء أن يمسك وإن شاء أن يرد به؛ وإن لم يكن في أصل ما اقتسموا أن يمر الماء عليه لم يلزمه ذلك، وكان للمشتري أن يمنع منه، فلم ير على هذا في هذه الرواية مرور الماء على البائع في أرضه أربعين سنة حيازة عليه، وهذا على القول بأن الضرر لا يحاز، وقد مضى الاختلاف في ذلك في نوازل أصبغ من جامع البيوع في مسألة المجرى في العرصة، ولا جعل بيعه للأرض رضى منه بترك القيام على المار بمائه فيها، وذلك خلاف ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ في أن من أحدث عليه ضرر فلم يتكلم فيه حتى باع لزم المشتري، ولم يكن له فيه قيام، فأحل المشتري محل البائع في القيام عليه بما كان للبائع أن يقوم