اختلاف أيضا (أنه) إذا كتب له إلى قاضي موضع فوجد ذلك القاضي قد مات أو عزل وولى غيره مكانه أنه يجب له إنفاذ ذلك الكتاب والعمل به. واختلف إذا كتب له إلى قاضي بلد بعينه وهو يظن غريمه بذلك البلد فألفاه بغير ذلك البلد، ورفع ذلك الكتاب إلى قاضي ذلك البلد، وهو غير القاضي المكتوب إليه. فروى أصبغ عن ابن القاسم أنه لا ينظر له فيه، وقال أصبغ: إنما معنى ذلك أنه لا يعرف بذلك البلد، ولو أثبت المدعي بينة في ذلك البلد أنه الرجل الذي حكم عليه القاضي الكاتب أنفذه هذا.
قال محمد بن رشد: والمعنى الذي ذهب إليه أصبغ أن من تمام الصفة أن يقول فيه الساكن ببلد كذا، أو الملتزم في صناعته كذا، فلا يوجد بذلك البلد، وفي تلك الصناعة بتلك الصفة والنسبة والتسمية سواه فيلزمه، فإذا رفع الكتاب إلى قاض بغير ذلك البلد لم يدر لعل صاحبه في بلد المكتوب إليه، فوجب ألا يحكم له على من وافقت صفته من أهل بلده الصفة المذكورة في الكتاب حتى يثبت عنده أنه هو بعينه، وهو معنى صحيح، والظاهر من مذهب ابن القاسم أنه لا ينظر (له) بحال؛ لأن الذي كتب إليه الكتاب حتى يثبته عنده ويخاطبه به وبالله التوفيق.