قال القاضي: قوله: إن حكم القاضي لا يفتقر إلى حيازة، وإنه إذا قضى، وأشهد لرجل بالقضاء، فلم يمض ولا حاز حتى مات أو عزل أن حقه لا يبطل بموت القاضي ولا عزله، صحيح لا اختلاف فيه، وقد مضى هذا المعنى في رسم نذر سنة، من سماع ابن القاسم، ورسم أسلم من سماع عيسى، وكذلك قوله: إن المقضي عليه لا ينتفع بحيازة ما قضى به عليه السنين الكثيرة التي تكون بها الحيازة قام عليه المقضي له في حياته أو ورثته بعد وفاته، إلا أن يطول ذلك جدا؛ صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن الحيازة لا ينتفع الحائز بها إلا أن يجهل أصل دخوله فيها، وأما إذا علم أن أصل دخوله فيها كان على وجه ما، من غصب أو عارية أو إسكان أو إرفاق أو إمساك ما حكم عليه به، فهو محمول على ذلك لا ينتفع في طول حيازته له، إلا أن يطول زمان ذلك جدا، ولم يحد في هذه الرواية في ذلك حدا، إلا أنه قال: قدر ما يخشى أن يكون من يعرف ذلك الحق قد هلك، أو نسي لطول زمنه، فقد يتأول في هذا أن الطول عشرون عاما على ما وقع في سماع عيسى، من كتاب القسمة أن في عشرين سنة يبيد الشهود، وحد ابن حبيب فيه الخمسين سنة، وحكاه عن مطرف وأصبغ، ويأتي على مذهب ابن الماجشون في إجازة شهادة السماع أن الطول في ذلك خمسة عشر عاما، وهذا عندي إذا ادعى بعد هذا الطول أنه قد صار إليه بعد الحكم عليه بوجه كذا، لوجه يذكره مما يصح به انتقال الأملاك، وأما أن يكون طول مقامه بيده يحق له ملكه دون أن يدعى تصييره إليه ملكا فلا.
والبيع والهبة والإصداق، والصدقة والبناء والغرس على ما حكى ابن حبيب، ومطرف، وابن الماجشون، وأصبغ كالطول في ذلك. واختلف إذا مات المقضي عليه، وأورث ذلك ورثته، فلم يقم عليهم المقضي له السنين الكثيرة، فقيل: إنهم في ذلك عليه سواء، لا شيء لهم إلا أن يطول زمانه في أيديهم، أو يحدثوا فيه بيعا أو صدقة أو إصداقا، قال ابن الماجشون: لو