طرح في السجن، ووكل من يقوم بأمره، قاله مالك فيما سأل عنه ابن كنانة لابن غانم، ومعناه إذا دعا لذلك السيد، وقال: أخشى أن يهرب لادعائه الحرية، وأما إذا لم يسبب لذلك سببا من بينة، ولم يأتيا بسوى الدعوى، فلا يخلو من أن يكون لما ادعيا وجه يشبه، ويعرف مثل أن يدعيا أنهما من أهل بلد، قد عرف واليه بالتعسف على أهل ذمة ذلك البلد وبيعه لهم، أو ينتسب إلى قوم معروفين، ويأتي على ذلك بأمارة ظاهرة وما أشبه ذلك، أو لا يكون لدعواهما وجه يشبه ويعرف، ولا يخلو من أن يكون موضع بينتهما قريبا، فإن الإمام يأخذ من سيدهما حميلا ألا يخرج به ولا يفوته، ويكتب له كتابا إلى ذلك الموضع.
فإن جاءه جواب كتابه بما يستوجب به الرفع مع سيده، أو الذهاب بحميل يأخذه منه بقيمته حكم بذلك، وإن لم يكن لما ادعيا وجه يعرف، وكان موضع بينتهما بعيدا لم يلزم سيدهما بشيء. واختلف إن لم يكن لما ادعيا وجه، وكان الموضع قريبا، فقيل: لا يلزم السيد بشيء، وهو دليل ابن القاسم في هذه الرواية، إن كان الذي ذكره العبد قريبا على مسيرة اليوم ونحوه، فعسى به إن جاء بأمر يعرف، فلعل هذا يكتب له، يريد ويؤخذ من سيده حميل، وهو قول ابن الماجشون، وقيل: يكتب لهما ويتخذ على سيدهما حميل ألا يفوتهما، وهو قول عيسى في كتاب الجدار.
واختلف أيضا إن كان لما ادعيا وجه، وكان الموضع بعيدا، فقيل: إنه لا يلزم السيد شيء، وهو دليل هذه الرواية؛ لأنه لم ير أن يكتب له إلا أن يكون الموضع قريبا، ويأتي بأمر يعرف، وقيل: إنه يكتب لهما، ويؤخذ من سيدهما حميل بهما، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، عن مطرف وأصبغ. وانظر إذا أخذ من العبد حميل بقيمته، فذهب إلى موضع بينته فهرب أو مات في الطريق، أو قتل، أو حدث به عيب، ولم يصح له من دعواه شيء ما يكون الحكم في ذلك؟ والذي أراه فيه على ما يوجبه النظر والقياس أن يضمن الحميل قيمته إن أبق، أو قتل وما حدث به من العيوب بسبب سفره، ولا