للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البينة بحضرة خصمه، ولا يكتفي بالكتاب الذي أتاه به؟ وكيف إن كانت تلك البينة التي شهدت على معرفته بعينه ونسبه، إنما يشهدون أن قاضيا من القضاة مثل قاضي إفريقية، أشهدهم أنه قد ثبت عنده معرفة فلان بن فلان بعينه ونسبه، وهم من موضع القاضي الذي يختصم إليه في هذا الأمر بمنزلة الإسكندرية من مصر، فشهد أولئك الشهود عند قاضي الإسكندرية أن قاضي إفريقية أشهدنا على أنه قد ثبت عنده معرفة فلان بن فلان بعينه ونسبه، وعرفهم به، فلما قدم عليهم ذلك الرجل، واحتاج إلى علمهم الذي أشهدهم عليه قاضي إفريقية، قاموا بشهادتهم عند قاضي الإسكندرية، فكتب بعلمهم قاضي الإسكندرية إلى قاضي مصر، فهل يثبت نسبه ومعرفته بذلك الكتاب؟ أو حتى يشهد أولئك الشهود بأعيانهم عند قاضي أهل مصر، حيث الخصومة وموضع الطلب بحضرة الخصوم؟ أو يكتفي القاضي بما أتاه في هذا وأشباهه بكتب القضاة، ويكون في إنفاذها سعة له؟

قال له: قد فهمت ما ذكرت، والشأن فيه أن يقبل القاضي ما جاءه به من ذلك، ويثبت عنده من ذلك، وأن يكتب له به حيث أحب، وأن يجيز ذلك المكتوب إليه به، ويحكم به إن كان الحكم فيه عنده، أو يكتب به أيضا إلى غيره إن كان إليه هكذا وإن كثر، وهذا أمر القضاة، وشأن الإسلام، لا يختلف في هذا أهل العلم ولا ينكرونه، وليس لمن جاءه بمثل هذا من القضاة أن يعنت بأن يقول: لا أعرف من شهد لك أو ثبتهم عندي، أو أشخصهم إلي كما ذكرت مما طلب الخصم وسأل، بل يمضي له ما كتب إليه به على ما كتب به القاضي

<<  <  ج: ص:  >  >>