تكن له شفعة في علوه؛ وذلك لأن الشركة بينهما في بطن الحانوت، ولم تكن بينهما في علوه، وإن كان الصلح بينهما إنما وقع على أن يأخذه لنفسه، والصلح بينهما أيضا منتقض؛ لأن الشريك إنما رضي بمصالحته ليأخذ بالشفعة، فصار الوكيل قد أخذ لما أسلم إليه من الشفعة ثمنا، وذلك غير جائز.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر من قول ابن القاسم، وقول أشهب في مواضع، منها أنه أمضى الصلح على الموكل، ولم يذكر في التوكيل، ومن قولهم: إنه ليس للوكيل أن يتجاوز ما سمي له في التوكيل، ومنها أنه أمضى البيع عليه، وإنما أذن له أن يأخذه بما يعطي فيه، فأخذه بما أراد دون أن يسوقه أو يعطي فيه شيئا، ومن ذلك أنه أوجب للمصالح الشفعة إيجابا مجملا، ولم يخص سفلا من علو، والشفعة إنما تصلح أن تكون في السفلى الذي حصلت الشركة بينهما فيه بنفس الصلح، لا في العلو؛ إذ لا شركة بينهما فيه، فيصح قول ابن القاسم على أن يتأول على أنه أراد بقوله: إن الشفعة لازمة للشريك ثابتة، أي في نصف السفلى بما يقع عليه من الثمن إذا فض على العلو ونصف السفلى، فيصير للمصالح الشفيع جميع السفلى، نصفه بالصلح ونصفه بالشفعة، ويبقى للوكيل جميع العلو، ويكون معناه إذا أجاز الغائب للوكيل الصلح والبيع؛ لأن من حقه ألا يجيز شيئا من ذلك، وله أن يجيز جميعه، وله أن يجيز الصلح ويرد البيع، وهذا كله بين.
وقول أشهب: إنه لا شفعة في ذلك إلا أن يجيز الغائب البيع صحيح. وأما إجازته الصلح إذا تقدم البيع، ولم يكن معه في صفقة واحدة ففيه نظر على ما قلناه؛ إذ لم يذكر الصلح في التوكيل. وأما قوله: إنه إن وقع الصلح مع البيع في صفقة واحدة فهو منتقض، معناه إن أراد الغائب أن ينقض البيع، ولم يرد أن يجيزه للعلة التي ذكرها، وبالله التوفيق.