وجوه، فقال الذي يشتريها ما يصنع بها؟ فقيل: يبيعها. فقيل: ما يصنع بها؟ قيل: يلعب بها الجواري يتخذنها بناتا. قال: لا خير في الصور، ولا هذا من تجارة الناس.
قال محمد بن رشد: قوله: لا خير في الصور، وليس هذا من تجارة الناس يدل على أنه كره ذلك ولم يحرمه؛ لأن ما هو حرام لا يحل، فلا يعبر عنه بأنه لا خير فيه؛ لأن ما لا خير فيه فتركه خير من فعله، وهذا هو حد المكروه؛ لأن المكروه ما في تركه ثواب، وليس في فعله عقاب، فهو لا خير فيه، ومعنى ذلك إذا لم تكن صورا مصورة مخلوقة مخروطة مجسدة على صورة الإنسان، وإنما كانت عظاما غير مخلوقة على صورة الإنسان، إلا أنه عمل فيها شبه الوجوه بالتزويق، فأشبه الرقم في الثوب، وإلى هذا نحا أصبغ في سماعه، من كتاب الجامع، فقال: ما أرى بأسا ما لم تكن تماثيل مصورة مخلوقة مخروطة، إلا أنه علل ذلك بعلة فيها نظر، قال: لأنها تبقى، قال: ولو كانت فخارا أو عيدانا تنكسر وتبلى رجوت أن تكون خفيفة إن شاء الله، كمثل رقوم الثياب بالصور لا بأس بها؛ لأنها تبلى وتمتهن، والصواب ألا فرق في ذلك بين ما يبقى أو ما يبلى، فلا يبقى مما هو تمثال فجسد، له ظل قائم مشبه بالحيوان الحي؛ لكونه على هيئته، وإنما استخفت الرقوم في الثياب من أجل أنها ليست بتماثيل مجسدة، لها ظل قائم تشبه الحيوان في أنها مجسدة على هيئتها، وإنما هي رسوم لا أجساد لها ولا تحيا في العادة ما كان على هيأتها، فالمحظور ما كان على هيئة ما يحيا ويكون له روح بدليل قوله في الحديث:«إن أصحاب هذه الصور يعذبون، ويقال لهم يوم القيامة: أحيوا ما خلقتم» .