الكراء ويرد البيع ما لم يفت، فإن فات تم البيع ولم أفسخه، وأما كراء الدابة، وبيع الشاة فإنه يمضي ولا يرد، وقد اختلف في كراء الدابة قول مالك، فمن ثم رأيت له ذلك.
وبلغني عن أشهب أنه سئل عن الذي يبيع كرمه من النصراني، فقال: أرى أن تباع على النصراني، بمنزلة شرائه العبد المسلم.
قال محمد بن رشد: إنما قال في الذي يبيع العنب ممن يعصره خمرا أو يكري حانوته ممن يبيع فيه الخمر إن الكراء يفسخ، والبيع يرد ما لم يفت، فإن فات مضى ولم يفسخ، من أجل أنه بيع وكراء لا غرر فيه ولا فساد في ثمن ولا مثمون، فأشبه البيع الذي طابقه النهي، كالبيع يوم الجمعة بعد النداء، وبيع الحاضر للبادي، وما أشبه ذلك من البيوع التي لا تجوز مع سلامتها من الغرر والمجهول، فيدخل في ذلك من الاختلاف ما يدخل في هذه البيوع، قيل: إنها تمضي بالثمن إذا فاتت، وقيل: إنها ترد إلى القيمة، وقيل: إنها لا تفسخ وإن كانت قائمة.
فعلى قياس هذا القول لا يفسخ بيع العنب ممن يعصر خمرا، ولا كراء الحانوت ممن يبيع فيه الخمر وإن أدرك قبل الفوت، فإن كان المشتري نصرانيا منع من بيع الخمر في الحانوت، وبيع عليه العنب، وإن كان مسلما منع من جميع ذلك ولم يفسخ منه شيء، وقال: إن البيع إذا فات تم ولم يفسخ، ولم يتكلم على ما يجب على البائع والمكري في الثمن والكراء، فأما ثمن العنب فيسوغ له، إلا أن يكون ازداد فيه بسبب بيعه للعصر فيجب أن يتصدق بالزيادة، وأما الكراء فيتصدق بجميعه، قيل: لأنه لا يحل له كثمن الخمر، وقيل: أدبا له، لا من أجل أنه عليه حرام كثمن الخمر، وهو ظاهر هذه الرواية.
وسواء في العنب باعه ممن يعصره خمرا بتصريح، أو باعه منه وهو يعلم أنه يعصره خمرا.