شهد الحميل بالدين لم تجز شهادته؛ لأنه يشهد لنفسه ليسقط عنه الغرم، أو ليرجع على الغريم بما غرم، وهو قول مالك في هذه الرواية.
وقيل: إنه لا تلزمه الكفالة لإنكار الذي عليه الدين، وقد تأول ذلك على ما في كتاب الكفالة من المدونة وليس هو عندي بتأويل صحيح، فعلى هذا القول إن شهد الحميل بالدين جازت شهادته، إذ لا يجر إلى نفسه بها منفعة، بل يوجب عليها مضرة، وهي لزوم الحمالة له، وهي رواية أشهب عن مالك، وقيل: تلزمه الكفالة، ولا يؤخذ بها إلا في عدم الغريم، بمنزلة أن لو كان مقرا على ما اختاره ابن القاسم من قولي مالك في ذلك، فعلى هذا إن شهد الحميل بالدين جازت شهادته إن كان الغريم مليا، ولم تجز إن كان معدما، وهو قول ابن القاسم في الرواية، وقد تأول على ما في سماع عيسى من كتاب الكفالة والحوالة، أن الحوالة لا تلزمه وإن أقر الغريم بالحق حتى يثبت عليه، وأقامه بعض الناس من قوله في المدونة إذا أثبت ما بايعه به في مسألة من قال أنا ضامن لما بايعت به فلانا، وذلك كله عندي غير صحيح؛ لأنها مسائل مفترقة لا اختلاف من القول، فإذا قال الرجل أنا كفيل لفلان بمائة دينار له على فلان، وفلان منكر لزمه غرم المائة، وقيل: لا يلزمه غرمها إذا كان منكرا.
وقيل: يلزمه غرمها إذا كان معدما وإن كان منكرا، وإذا قال الرجل: لي على فلان مائة دينار، فقال له رجل: أنا لك بها كفيل، لم يلزمه غرمها بالكفالة إلا أن يقر بها المطلوب قولا واحدا، وإذا قال الرجل: لي على فلان حق، فقال له الرجل: أنا لك به كفيل، فقال المطلوب له: على مائة دينار لم يلزم الكفيل غرم المائة دينار بالكفالة إلا أن تثبت المائة على المطلوب بالبينة قولا واحدا أيضا، بمنزلة من قال لرجل: أنا ضامن لما بايعت به فلانا، فهذا تحصيل القول في هذه