قال محمد بن رشد: قوله إن شهادتهم لا تجوز إلا أن يقولوا نشهد أنا لا نعلم لفلان وارثا من الناس في شيء من الأرض إلا فلانا صحيح؛ لأن في قولهم لا نعلم له وارثا بأرض مصر إلا فلانا دليلا أنهم يعلمون له وارثا سوى فلان في غير أرض مصر، فإذا شهدوا أنهم لا يعلمون له وارثا من الناس في شيء من الأرض إلا فلانا، وأنهم لا يعلمون له وارثا إلا فلانا ولم يقولوا في شيء من الأرض صحت الشهادة، ووجب أن يدفع إليه ميراثه، قال في الرواية: ويستحلف، قيل: على البت في الموضع الذي شهد فيه الشهود على العلم، قياسا على يمين المستحق ما باع ولا وهب، من أجل أن الشهود إنما شهدوا بذلك على العلم، فيقول في يمينه: بالله الذي لا إله إلا هو ماله وارث غيري، أو ماله وارث غيري في شيء من الأرض، ولما وجب عليه اليمين على هذا لم ير أن يدفع المال إلى وكيله حتى يكتب إلى موكله، فيحلف في الموضع الذي هو فيه.
وفي نوازل عيسى من كتاب الوكالات بيان هذا، والذي أقول به: إنه لا يحلف إلا على العلم، فيقول: بالله الذي لا إله إلا هو ما نعلم له وارثا غيري، إذ لا يصح له القطع على أنه ليس له وارث غيره.
وقد قال ابن دحون: قوله: ويستحلف - حرف سوء حائل، كيف يستحلف من شهد له أكثر من واحد على ميراث، وقالوا في شهادتهم: لا نعلم له وارثا من الناس في شيء من الأرض إلا فلانا، لا اختلاف أنه لا يحلف مع بينته، وقوله لا يدفع ذلك إلى وكيله قول حائل، كيف لا يوكل من له مال غائب على قبض ماله، لا اختلاف في جواز ذلك إذا أثبت الوكالة على سنتها قبض الوكيل مال الموكل من ميراث كان أو غيره.
قال محمد بن رشد: وإنكار ابن دحون اليمين، وقوله لا اختلاف أنه لا يحلف مع بينته ليس ببين لأن لإيجاب اليمين عليه وجها ظاهرا وذلك