وذلك على مذهب من يجيز الشهادة على خط الشاهد، وقد مضى الاختلاف في ذلك في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم.
وقد قال ابن عبدوس: يخشى في ذلك أن يجد الرجل شهادته في كتاب على من لا يعرف ويكون الشاهد قليل المعرفة، فيقول: أشهد على ما في الكتاب، والعلة الأولى هي الصحيحة؛ لأنه وإن كان ممن لا يجهل أنه لا يجوز له أن يشهد على خطه، وهو لا يعرف عين الذي أشهده فلا يأمن أن يموت فيشهد على شهادته، وهو لا يعرف عينه، وإذا كتب الرجل شهادته على من لا يعرفه بالعين والاسم فلا يصح له أن يشهد بها بعد موته، ولا يؤدي إلا في حياته على عينه، وكذلك لا يشهد على شهادته بها إلا على عينه، وهذا كله مما لا اختلاف فيه، فإن علم أنه لا يقف على عين المشهود له إذا غاب عنه فهي شهادة لا منفعة فيها، وإنما تسامح العلماء والخيار في موضع شهادتهم على من لا يعرفونه بعين ولا اسم سياسة منهم في نفع العامة، ولئلا ينهوهم على وَهْنِ شهادةِ مَنْ أوقع شهادته على من لا يعرف، فيجترئون على جحد الحقوق المنعقدة عليهم، إذا علموا أن الشهادة عليهم لا تصح إذا أنكروا، ففي جهلهم بالحقيقة في ذلك صلاح عظيم، وتحصين للحقوق؛ لأن المشهود عليه يهاب الوثيقة ويسبق إليه أن كلهم يشهد عليه إن جحد فيقر ولا يجحد، قال ابن القاسم في المجموعة: وإذا دعا الرجل ليشهد على امرأة لا يعرفها ويشهد عنده رجلان أنها فلانة فلا يشهد، قال في سماع حسين بن عاصم في بعض الروايات: لا يشهد إلا على شهادتهما، وقال ابن نافع فيه: أن يشهد، وذكره عن مالك.
قال القاضي: والذي أقول به: إنه إن كان المشهود له أتى بالشاهدين ليشهد له عليها بشهادتهما عنده أنها فلانة فلا يشهد إلا على شهادتهما، وإن كان هو سأل الشاهدين فأخبراه أنها فلانة فليشهد عليها،