اليمين، ولعساني أن أكون أراه، ولكن ليس كلما أُرِيَ المرء أراد أن يجعلوه سنة يذهب به إلى الأمصار.
قال محمد بن رشد: تفسير قول مالك في هذه الرواية هو أن الرجل إذا ادعى على الرجل أنه شتمه، وأقام على ذلك شاهدا واحدا لم يحلف مع شاهده، ونظر في المدعى عليه فإن كان معروفا بالشتم والسفه عزر ولم يستحلف، وإن لم يكن معروفا بذلك استحلف، إلا أنه ضعف اليمين، فقال: ولعساني أن أكون أرى اليمين ولكن ليس كلما أُرِيَ المرء أراد أن يكون سنة يذهب بها إلى الأمصار.
والأظهر على أصولهم إيجاب اليمين، فتضعيفها ضعيف، وقد قيل: إن المدعى عليه يستحلف إذا كان للمدعي شاهد على دعواه، كان معروفا بالشتم والسفه أو لم يكن، وهو ظاهر ما في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الحدود، وما في رسم الحدود من سماع أصبغ منه، فإن حلف برئ، وإن نكل ففي سماع ابن القاسم المذكور أنه يسجن أبدا حتى يحلف، وفي سماع أصبغ المذكور: أنه إن طال سجنه جدا ولم يحلف خلي سبيله ولم يؤدب.
وقال أصبغ: إن كان معروفا بالأذى والفحش أدب، وإلا فأدبه حبسه الذي حبس، فهذه الرواية موافقة لما في السماعين المذكورين من كتاب الحدود في أن المدعي لا يحلف مع شاهده مخالفة لما فيهما من إيجاب اليمين على المدعى عليه على ضعف في حال دون حال، وقد قيل: إنه يحلف مع شاهده ويحد له، وروي ذلك عن مطرف، وهو شذوذ أن يحد في الفرية بالشاهد مع اليمين.
ويتخرج في المسألة قول ثالث: إنه لا يحلف مع شاهده في الفرية، ويحلف معه فيما دون الفرية من الشتم الذي يجب به الأدب.
وكذلك اختلف في القصاص من الجراح العمد بالشاهد مع اليمين، على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يقتص بالشاهد مع اليمين، وهو قول مالك في كتاب الأقضية من المدونة، والثاني: أنه لا يقتص بالشاهد مع اليمين،