وخلاف ما في ظاهر المدونة عندي، ولا تجوز شهادة الصبيان عند من أجازها الكبير على كبير، وتجوز الصغير على صغير، واختلف في إجازتها لكبير على صغير، ولصغير على كبير، فلم يجز ذلك ابن القاسم، وأجازه ابن الماجشون، وقد وقع لمطرف في المبسوطة أن الصبيان لا تجوز شهادتهم بحال لا على صغير ولا على كبير في جرح ولا قتل؛ تعلقا بظاهر قول الله عز وجل {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] ، إذ ليس الصبي يرضى في شهادته، وذلك خلاف المشهور في المذهب المعلوم فيه.
ووجه إجازتها على المعلوم في المذهب: الإتباع لما جاء في ذلك عن السلف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، مع أن له حظا من النظر، وهو أن الشهادة لما كان طريقها اليقين لغالب الظن بصحتها، دون العلم بمغيبها جاز أن يكتفي فيها بشهادة الصبيان في الموضع الذي لا يحضره إلا الصبيان، كما يكتفي بشهادة النساء في الموضع الذي لا يحضره إلا النساء، وإن شهد الصبيان على الصبي أنه جرح صبيا فَنُزِيَ فِي جرحه فمات لم يكن في ذلك قسامة عند ابن القاسم، خلاف قول ابن نافع في المدونة.
واختلف إن شهد رجل على صبي أنه قتل رجلا أو صبيا، فقيل: لا قسامة في ذلك، وهو ظاهر ما في المدونة ونص ما في الأسدية، وقيل: فيه القسامة، وهو قوله