ما حكاه ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن القاسم وأصبغ خلاف رواية عيسى هذه في الأموال وموافق لها في الحدود، وتفرقته في الأموال بين أن يتعمد الزور أو يشبه عليه هو قول ابن الماجشون، حكى ذلك ابن حبيب عنه، وأنه قال: وهو قول جميع أصحابنا المغيرة وابن دينار وابن أبي حازم وغيرهم.
وأما الديات ففيها أربعة أقوال؛ أحدها: أن الدية في مال الشاهدين إذا رجعا عن شهادتهما بعد الحكم تعمدا الزور أو شبه عليهما، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية، وفي الواضحة وقول مطرف وأصبغ فيها، وظاهر ما في كتاب السرقة من المدونة.
والثاني: أنه إن تعمدا كان عليهما القصاص، وإن شبه عليهما كانت الدية في أموالهما، وهو قول ابن نافع وأشهب، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
والثالث: أنهما إن تعمدا كانت الدية من أموالهما، وإن شبه عليهما كانت على عواقلهما، وهو قول أصبغ في سماعه من كتاب الديات.
والرابع: أنهما إن تعمدا كانت الدية في أموالهما، وإن شبه عليهما كان هدرا، وهو قول ابن الماجشون والمغيرة وابن دينار وابن أبي حازم وغيرهم، فيتحصل في التعمد قولان؛ أحدهما: القصاص، والثاني: الدية في المال، وفي التشبيه ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن الدية في المال، والثاني: أنها على العاقلة، والثالث: أنها هدر، وإذا رجع أحد الشاهدين بعد الحكم فوجب عليه الغرم غرم نصف المال أو نصف الدية، فإن كان الشهود ثلاثة فرجع أحدهم لم يلزمه شيء، واختلف إن رجع بعد ذلك أحد، فقيل: يكون عليه وعلى الراجع قبله نصف المال، وهو قول ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون وأصبغ، وقيل: يكون عليهما ثلثا المال، وهو قول ابن وهب وأشهب، فإن رجعوا ثلاثتهم كان المال عليهم أثلاثا، فلا خلاف إذا رجع الشهود كلهم في أن المال يكون عليهم على عددهم، ولا اختلاف أيضا في أنه لا شيء على من رجع إذا بقي من الشهود شاهدان فأكثر، وإنما الاختلاف إذا كان الشهود أكثر من اثنين مثل أن يكونوا عشرة فيرجع منهم تسعة فقيل: إنه يكون عليهم نصف المال، فإن رجع العاشر كان جميع المال على جميعهم بالسواء، وقيل: بل يكون عليهم تسعة أعشاره، فإن رجع العاشر كان عليه العشر الباقي على