شاهد شيء يجوز فيه شاهد ويمين أو شاهدان ثم جاء الذي شهد على شهادته فأنكر أن يكون شهد بتلك الشهادة، قال: الحكم ماض، ولا غرم عليهما إن [قال] : شهدا علي بباطل.
قلت: فلو كان قدم قبل شهادتهما؟ فقال: هذا القول قال: فلا شهادة لهما، ويستحلف صاحب الحق مع شهادة الباقي منهما.
قال محمد بن رشد: هذه المسألة وقعت في بعض الروايات في أثناء المسألة التي قبلها فكتبتها بعدها ليتصل الكلام فيها بعضه ببعض، ووقعت أيضا في سماع أبي زيد وفي رسم الأقضية من سماع يحيى، وزاد فيها في سماع يحيى من قول مالك: إن القضاء يفسخ خلاف قول ابن القاسم، فوجه قول ابن القاسم أنه جعل إنكار المشهود على شهادته للشهادة بعد الحكم كرجوع الشاهد عن الشهادة بعد الحكم في أن الحكم لا يرد لاستواء المسألتين في أن الحاكم حكم بما يجوز له من الشهادة، ولم يكن منه تفريط، فوجب ألا يرد حكمه، ووجه قول مالك في الفرق بين المسألتين هو أن المشهود على شهادته إذا أنكر الشهادة وزعم أنه لم يشهدهما عليه لا يخلو من أن يكون صادقا أو كاذبا، فإن كان صادقا بطلت الشهادة بصدقه أنهما كذبا عليه في الشهادة، وإن كان كاذبا بطلت شهادته لكذبه، إذ لا تجوز شهادة الكاذب، فلما كانت تبطل في كل وجه ولم يمكن أن يضمن الشاهدان على الشهادة لثبوتهما على شهادتهما ولا المشهود على شهادتهما إذا لم يثبت عليه أنه أشهدهما على شهادته ثم رجع عنها وجب أن يرد القضاء لئلا يتلف على المقضي عليه ماله، والشاهدان إذا رجعا عن شهادتهما مقران على أنفسهما بالعداء على المحكوم عليه فوجب أن يضمنا، ولم يصح للحاكم أن يرد الحكم