قلت: وكذلك المسلمان يرضيان بشهادة المسخوطين؟ قال: لا يحكم بينهما بشهادة المسخوطين وليرضياهما بما أحبا، قلت: فإن تراضيا بشهادة مسخوطين ثم أبى أحدهما بعدما شهدا عليهما؟ قال ابن القاسم: إذا علما بشهادتهما ورضيا فإن ذلك يلزمهما، وليس لهما أن ينكصا، وهما بمنزلة ما لو رضيا بغير شهادتهما.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يحكم بينهما بشهادة النصري، ولا بشهادة المسخوطين معناه إذا رضيا أن يحكم بينهما بشهادتهم دون تعيين بأن يقولا: قد رضينا أن يحكم بيننا بشهادة شاهدين من النصارى أو ممن لا تجوز شهادته من المسخوطين المسلمين، وهذا ما لا اختلاف فيه؛ لأن رضاهما بذلك غرر، والحكم به لا يجوز؛ لأنه خلاف ما أمر الله به من استشهاد من يرضى من الشهداء، وأما لو رضيا بما يشهد به عليهما شاهدان مسخوطان سمياهما في أمر اختلفا فيه فلما شهدا عليهما أبى أحدهما، فقال ابن القاسم في هذه الرواية: إذا علما بشهادتهما ورضيا فإن ذلك يلزمهما يريد أن ذلك إنهما يلزمها إذا رضيا بما شهدا بعد الشهادة والعلم بما شهدا، وقد قيل: إنهما إذا رضيا قبل الشهادة بما يشهدان لزمهما ما يشهدان به ولم يكن لهما ولا لأحدهما أن ينكصا عن ذلك، وقد