فيقول: أنا أريد أن أحلف ويبرأ فقال: ليس عليه أن يحلف ثانية، قد حلف مرة.
قال القاضي: وقعت هذه المسألة في رسم البيوع من سماع أصبغ من كتاب المديان والتفليس، وزاد فيها قال أصبغ: لأنه قد برئ يوم حلف وهو بريء أبدا حتى يحلف الصبي فيكون حلفه كالشهادة الحادثة القاطعة، فعلى قول أصبغ هذا لا يجب توقيف الدين، وقد قيل: إنه إذا حلف الذي عليه الحق أخذ الدين منه فوقف حتى يكبر الصبي فيحلف ويأخذه، ومعنى ذلك إذا لم يكن مليا وخيف عليه العدم، وهو في القياس صحيح، إذ لو كان المدعي فيه شيئا بعينه لوجب توقيفه أو بيعه وتوقيف ثمنه إن خشي عليه على ما يأتي لابن القاسم في سماع محمد بن خالد، وإذا وقف الدين أو العرض فضمانه من الصبي إن حلف ومن الغريم إن نكل ولم يحلف؛ لأنه إنما وقف لمن يجب له منهما بتمام الحكم ببلوغ الصغير، فإن حلف لم يجب لأحدهما على صاحبه شيء حلف أو نكل؛ لأنه إن حلف وجب له وكانت مصيبته منه، وإن نكل عن اليمين وجب للمدعى عليه وكانت مصيبته منه، وقد قيل: إنه يحلف ثانية إذا بلغ الصبي فأبى أن يحلف، وهو بعيد، ووجهه أن يمينه أولا لما لم تكن واجبة ليسقط عنه بها الحق كانت إنما أفادت تأخير الحكم إلى بلوغ الصغير، فإذا بلغ استؤنف الحكم، واختلف إن بلغ الصغير وهو سفيه فينكل عن اليمين وحلف الذي عليه الحق وبرئ هل له إذا رشد أن يحلف؟ فقال: ليس ذلك له لأنه ما كان له أن يحلف مع شاهده بخلاف الصغير له أن يحلف مع شاهده، وهو قول ابن القاسم وأصبغ في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ، وقيل ذلك له مثل الصغير؛ لأنه يقول: إنما نكلت لسفهي، وهو قول ابن كنانة ومطرف، ولا اختلاف في أن الذي عليه الحق إذا نكل يغرم، ولا يجب على الصغير إذا بلغ أن يحلف؛ لأن نكوله كالإقرار، وكذلك الوكيل الغائب يقيم شاهدا واحدا على حق الغائب فيقضى على الذي عليه الحق باليمين إلى أن يقدم