أمر آخر فطلب المشهود عليه أن توضع فيه العدالة هل ترى أن توضع فيه العدالة؟ قال ابن القاسم: إن كان ذلك قريبا من شهادته الأولى وتعديله فيها الأشهر وما أشبهها ولم يطل ذلك جدا فلا أرى ذلك، وإن كان قد طال رأيت أن توضع فيه وأن يسأل عنه طلب ذلك المشهود عليه أو لم يطلبه، والسنة عندي في مثل هذا طويل كثير؛ لأن في ذلك ما تتغير الحالات وتحدث الأحداث.
قال أصبغ: إلا أن يكون الرجل المعروف بالخير المشهور الذي لا يحتاج مثله إلى ابتداء السؤال فلا يسأل عنه ثانية ولا ينصب عنه.
قال محمد بن رشد: قوله: وسألته عن رجل قبلت شهادته في أمر معناه وسألته عن رجل مجهول الحال غير معروف بالعدالة فقبلت شهادته في أمر بعد أن عدل، ثم شهد بعد ذلك في أمر آخر هل يكتفي بالتعديل الأول أو يطلب فيه التعديل ثانية؟ فقال: إن كان ذلك قريبا من شهادته الأولى بالأشهر اكتفي بالتعديل الأول، وإن كان الأمر قد طال طلب فيه بالتعديل ثانية؛ لأن الأحوال قد تتغير في الطول من الزمان والسنة طول، وفي نوازل سحنون أن التعديل يطلب فيه كلما شهد قرب ذلك أو بعد حتى يكثر تعديله وتشتهر تزكيته، وقول ابن القاسم استحسان، وأما قول سحنون فإنه إغراق في الاستحسان، فإن طلب القاضي التعديل فيه ثانية بعد السنة على قول ابن القاسم أو بالقرب والبعد على قول سحنون فعجز المشهود له عن أن يعدله ثانية إذ لعله لا يعرفه غير الذين عدلوه أولا وقد ماتوا أو غابوا وجب أن تقبل شهادته ولا يردها فيبطل حقا وقد شهد به من قد زكى وثبتت عدالته؛ لأن ما فعل من طلب العدالة إنما هو استحسان غير واجب، والقياس في ذلك أن يكون محمولا على التعديل الأول ما لم يتهم بأمر أو يغمز