الميت في رأس ماله، قلت: فلو كان لم يقر أحد غيره وبقيت الشهادة قائمة كما هي حتى قسم مال الميت ثم نزع أحد الشهيدين الباقيين؟ قال: يكون ذلك بمنزلة دين طرأ على الميت يؤخذ ما ينوبه من ذلك من الذي للورثة، كذلك القتل لو أقر أنه شهد على رجل مع رجلين فقتل بشهادتهم ثم نزع عند الموت.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على أصولهم في أن إقرار المريض في مرضه بدين لمن لا يتهم عليه جائز، فإذا كان هذا الذي أقر له بأنه شهد عليه بالزور فقطعت يده ممن لا يتهم على الإقرار له في مرضه وجب أن يؤخذ من رأس ماله ما يلزمه بالإقرار، وليس في قوله: وأنا شهدنا عليه بالزور دليل على أنه لو قال: إنا شبه علينا لم يلزمه شيء؛ لأن ذلك إنما هو في السؤال لا في الجواب، فلا دليل فيه، وهو سواء على مذهبه، قال: إنا شهدنا بالزور أو شبه علينا، وقد مضى هذا والاختلاف فيه في أول سماع عيسى، وقوله: لا أرى عليه شيئا؛ لأنه قد بقي على الشهادة اثنان صحيح لا اختلاف فيه، قد ذكر ذلك صاحب الاتفاق والاختلاف أن هذا مما أجمع عليه مالك وأصحابه، وقد رأيت لابن دحون أنه قال: وقد قيل: إنه يلزمه ثلث دية اليد في ماله، فإن رجع آخر لزمه الثلث أيضا، فإن رجع الثالث لزمه الثلث، وأما قوله: ولو أقر واحد من الشهيدين الباقيين بعد إقرار هذا كان نصف الدية على الميت وعلى النازع منهما فإن هذا موضع يختلف فيه؛ لأن ابن وهب وأشهب يقولان: إنه يلزمهما الثلثان، وفي قوله: إنه لو نزع أحد الشهيدين الباقيين بعد أن قسم المال كان ما ينوب المقر من ذلك كدين طرأ بعد القسمة يؤخذ ما ينوبه من ذلك من الذي للورثة ما يدل على أنه لا يلزم توقيف شيء من المال لإقراره على نفسه أنه شهد بالزور مخافة أن يقر الشهيدان الباقيان أو أحدهما بمثل ما أقر به هو، إذ ليس في رجوعه هو دليل على أنه سيرجع من سواه منهما، وكذلك لو نزع الشاهد الباقي بعد ذلك لكان فضل ما بين الثلث والربع كدين طرأ أيضا عليه يؤخذ ذلك من ورثته، وذلك أنه يجب عليه برجوع أحد الشهيدين نصف الدية،