ولكن لو أن أربعة نفر شهد منهم رجلان على رجل أنه طلق امرأته وشهد الآخران أنه لم يتفوه في مجلسه ذلك بشيء من الطلاق ولكنه حلف بعتق غلام له سمياه لم أر لهم شهادة أجمعين لا في طلاق ولا في عتاق؛ لأن بعضهم أكذب بعضا، وهو الذي سمعناه، قال: وإن اختلفوا فقال بعضهم: نشهد أنه طلق امرأته فلانة أو أعتق غلامه فلانا، وقال الآخران: نشهد أنه ما ذكر امرأته فلانة حتى تفرقنا، وما حلف بطلاقها، ولكنه حلف بطلاق امرأته فلانة يريدون امرأة أخرى، وقالوا: نشهد ما أعتق الذي شهدتم له بالعتاقة، دلكنه أعتق فلانا آخر فإن الشهادة تبطل وتسقط من قول الأولين والآخرين في العتاق والطلاق على هذا النحو؛ لأن بعضهم أكذب بعضا.
قال محمد بن رشد: قوله: في الشهود الأربعة إذا اختلفوا في الطلاق فشهد الاثنان منهم أنه حلف بطلاق امرأته البتة أو اثنتين، وقال الآخران: لم يطلق إلا واحدة أنه يؤخذ بشهادة اللذين أثبتا الأكثر من الطلاق يدل على أن البتة عنده تتبعض، وهو قول أشهب وسحنون، وعليه يأتي ما في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة من تلفيق شهادة الشهود إذا شهد أحدهم بالثلاث والآخر بالبتة خلاف قول أصبغ في نوازله من كتاب الأيمان بالطلاق وما حكى ابن حبيب عن ابن القاسم وما في كتاب ابن المواز وفي المبسوطة لمالك من أن البتة لا تتبعض، وقوله: إنه يؤخذ بشهادة اللذين أثبتا الأكثر من عدد الطلاق أو عدد المال هو المشهور من مذهب ابن القاسم، وقد رأى ذلك في أحد قوليه تكاذبا وتهاترا، والقولان قائمان من المدونة، وفي المسألة قول ثالث وهو الفرق بين أن تكون الزيادة بزيادة لفظ مثل أن يشهد الشاهدان أنه أقر له بعشرين، ويقول الآخران: بل أقر له بأحد وعشرين، أو بغير زيادة لفظ مثل أن يقول الشاهدان: أقر له بتسعة عشر، وقال الآخران: بل أقر له بعشرين، وهي تفرقة لها وجه من النظر.
وفي قوله: شهد اثنان بالله لأسلفه، وقال الآخران: نشهد بالله لما أسلفه إجازة الشهادة