علم أن الغصب كان قبل الشراء، وحكى ابن حبيب في الواضحة مثله عن مطرف وابن القاسم وأصبغ إلا أنه [زاد] من قولهم متصلا بآخر المسألة إلا أن يكون الشهود الذين شهدوا على الشراء إنما شهدوا أنه اشترى منه وهو مغصوب بحاله لم يرد إليه ولم يملكه فيكون شراء مفسوخا مردودا بالغصب الذي كان قبله، ويرد الثمن الذي أخذ فيه، وقال محمد فيها: وهذا إذا علم أنه اشتراه وهو في ملك المستحق، وروى زياد عن مالك: أن من غصب منزلا أو شيئا من الأشياء فلا يجوز له أن يشتريه حتى يرده في يد أهله ويخرج منه، وقاله المدنيون، وتحصيل القول في هذه المسألة عندي أن شراء الغاصب الشيء المغصوب وهو في يده لا يخلو من ثلاثة أحوال؛ أحدها: أن يشتريه وهو على حاله من الامتناع به عن صاحبه يعلم أنه لا يرده إليه إن لم يبعه منه، فهذا لا اختلاف في أنه بيع فاسد.
والثاني: أن يشتريه وهو قد طاع برده إلى صاحبه يعلم أنه إن لم يبعه منه صرفه عليه، فهذا لا اختلاف في أنه بيع صحيح.
والثالث: أن لا يتحقق هل صحت عزمة الغاصب على رد الشيء المغصوب على ربه قبل الشراء أم لا؟ فهذا هو موضع الخلاف في المسألة، يحكم بفساد البيع فيه على رواية زياد عن مالك، وبذلك حكم ابن بشير في أرحا الخزان التي عند قرطبة، ولم يبح للسلطان شراءها حتى صحت لصاحبها ستة أشهر، فحكم فيه بجوازه على ظاهر هذه الرواية ورواية عيسى عن ابن القاسم في كتاب الغصب وظاهر ما في كتاب الصرف والغصب من المدونة وعلى ظاهر ما حكاه ابن حبيب أيضا عن مطرف وابن القاسم وأصبغ من أن البيع جائز وإن كان في يد الغاصب إلا أن يكون الشهود شهدوا أن الشراء وقع والغصب قائم بحاله، وقول محمد وهو إذا اشتراه وهو في ملك المستحق محتمل للقولين، وقد قيل: إن قوله في هذه الرواية اشتراء صحيحا معناه بالشهادة على أن البيع وقع بعد رجوعه إلى يد ربه، فهو مثل رواية زياد عن مالك، والتأويل الأول أظهر، وأما بيع الشيء المغصوب من غير الغاصب وهو في يد الغاصب فإن