{وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨٣] وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النساء: ١٣٥] الآية، ومستحبة لهم إذا لم يدعوا إليها لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها الحديث» فوجب إذا شهدوا عليه بالقتل أن تجوز شهادتهم عليه دعوا إلى الشهادة عليه أو لم يدعوا إليها إلا أن يتهموا بجر ميراثه إلى أنفسهم، أو بالاستراحة من النفقة عليه، وشهادتهم عليه بالزنى مكروه لهم؛ لأنهم مأمورون في ذلك بالستر على أنفسهم وعلى الناس، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله، فإنه من يبدلنا صفحته نقم عليه كتاب الله» وقال لهزال: «يا هزال لو سترته بردائك لكان خيرا لك» فالصواب أن لا تجوز شهادتهم عليه بالزنى؛ لأن ذلك عقوق منهم له إلا أن يعذروا في ذلك بجهل أو يكونوا قد دعوا إلى الشهادة عليه مثل أن يقذفه رجل بالزنى فيقوم عليه بحده فيسأل القاذف بنيه أن يشهدوا له بزناه ليسقط عنه حد القذف، وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول أشهب، والله أعلم، وإذا سقطت شهادتهم عنه بأي وجه سقطت وجب الحد عليهم، وقد قاله سحنون إذا سقطت شهادتهم بالظنة، ولا فرق بين أن تسقط بالظنة أو بالجرحة، ورأى ابن لبابة شهادتهم عليه مما يوجب قتله جائزة مليا كان أو معدما، قال: ولا يتهم العدول بالميراث ولا بطرح النفقة، وهو قول له وجه في المبرز في العدالة