الجراح باليمين مع الشاهد على ما ذكرنا وحصلنا القول فيه في رسم القضاء من سماع أشهب، واختلف قوله أيضا في إجازة شهادة النساء في ذلك أيضا فقال في هذه الرواية: إن شهادتهن لا تجوز في ذلك، ووقع في المجموعة وكتاب ابن سحنون اختلاف قول ابن القاسم في ذلك، وأن الذي رجع إليه أنها لا تجوز، فيحتمل أن يقال: إنه إنما أجاز شهادة النساء في ذلك على القول بأن اليمين تكون في ذلك مع الشاهد، وأنه إنما منع من إجازة شهادة النساء في ذلك على القول بأن اليمين مع الشاهد لا يكون في ذلك [عنده] وأما قول ابن الماجشون في المنع من إجازة شهادة النساء في الوصية بالمال للمساكين فهو إغراق على طرد أصله، وليس بثابت في جميع الروايات، والصواب إجازة شهادة النساء في ذلك على أصله؛ لأن اليمين مع الشاهد إنما امتنع من أجل أن صاحب الحق غير معين لا من أجل أن الوصية بالمال لا تستحق باليمين مع الشاهد، فمذهب ابن الماجشون وسحنون أن شهادة النساء لا تجوز إلا فيما يجوز فيه الشاهد واليمين، وأن الشاهد واليمين لا يجوز إلا فيما يجوز فيه شهادة النساء، فكل موضع يجوز فيه هذا يجوز فيه هذا، وكل موضع لا يجوز فيه هذا لا يجوز فيه هذا.
وأما على مذهب ابن القاسم المشهور عنه فكل موضع يجوز فيه اليمين مع الشاهد يجوز فيه شهادة النساء، وليس كل موضع يجوز فيه شهادة النساء يجوز فيه اليمين مع الشاهد، فما يجوز فيه شهادة النساء أعم وأكثر مما يجوز فيه الشاهد واليمين؛ لأن شهادة النساء تجوز عنده على الوكالة في المال وعلى شهادة الشاهد بالمال، ولا يجوز عنده في شيء من ذلك شاهد ويمين، وإذا قلنا على، مذهبه في هذه الرواية إنه يجيز القصاص باليمين مع الشاهد ولا يجيز شهادة النساء في ذلك فليس أيضا كل موضع يجوز فيه اليمين مع الشاهد تجوز فيه شهادة النساء، فعلى هذا من الأشياء ما يجوز فيه هذا وهذا، ومنها ما لا يجوز فيه هذا ولا هذا، ومنها ما يجوز فيه هذا ولا يجوز فيه هذا، وبالله التوفيق.