للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بعد القرن الثالث، فلا يكتفي في عدالة الشاهد بمجرد الإسلام، والصحيح ما ذهب إليه مالك والشافعي وأصحابهما من أن الشاهد لا تقبل شهادته بمجرد إسلامه حتى تعرف عدالته بكونه على الأحوال المرضية فيه لقول الله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فنقول: إن قول عمر بن الخطاب هذا ليس على ظاهره من وجوب قبول شهادة الشاهد بمجرد إسلامه؛ لأنا لو اتبعنا ظاهره لوجب أن نجيز شهادة المسلم وإن علمنا فسقه إذا لم يتهم في ولاء، ولا قرابة ولا علمت منه شهادة زور ولا كان مجلودا في حد، إذ لم يستثن في الحديث إلا هؤلاء الثلاثة، فلما لم يصح ذلك بالإجماع وجب ألا يحمل الحديث على ظاهره، وأن يكون المعنى الذي قصد فيه أن الإسلام شرط في قبول شهادة الشاهد كما أن البلوغ والحرية شرط في قبول شهادته، فمعنى قوله على هذا التأويل أن المسلمين هم الذين تجوز شهادة بعضهم على بعض لا الكفار، ويدل على صحة هذا التأويل قوله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول " ويحتمل أن يريد بقوله رضي

<<  <  ج: ص:  >  >>