شهد عليه بالمال العظيم ذلك جائز منه، لا اختلاف فيه عند أحد من علمائنا.
قال محمد بن رشد: قول سحنون: إن هذا الشاهد يجرح من جرح أخاه بعداوة صحيح على القول بأنه يعدله، وأما على القول بأنه لا يعدله، فلا يجرح من جرح أخاه بعداوة ولا بإسفاه، وقد قيل: إنه يجرح من جرحه بعداوة أو بإسفاه على القول بأنه يعدله، وهو ينحو إلى قول من يجيز شهادته له فيما عدا الأقوال مما تقع فيه الظنة بالعصبية والحمية من القتل والحدود، فقول سحنون هذا في تفرقته بين أن يجرح من جرحه بعداوة أو بإسفاه قول ثالث في المسألة، فلا يجوز على مذهبه لمن جرح أخوه بفسق، أن يجرح من جرحه بفسق ولا بعداوة، ويجوز لمن جرح أخوه بعداوة أن يجرح من جرح أخاه بفسق وبعداوة، ولا اختلاف في أن للرجل أن يجرح من جرح عمه بعداوة؛ إذ لا اختلاف في أنه يعدله، وإنما يختلف في تجريح من جرحه بإسفاه على قولين، فإنما يتحصل الثلاثة الأقوال في تجريح الرجل من جرح أخاه، ورأيت لابن دحون أنه قال: معنى قول سحنون إذا جرح عمك وأخوك بفسق، فلا يجوز لك أن تجرح من جرحه بفسق، ويجوز لك أن تجرحه بعداوة، وإن جرح عمك أو أخوك بعداوة، جاز لك أن تجرح من جرحه بفسق أو عداوة، وهو بعيد غير صحيح في المعنى، فتدبره.
وقد مضى في أول رسم، من سماع ابن القاسم، تحصيل القول فيما تجوز فيه شهادة الأخ لأخيه مما لا تجوز، والأصل في هذا الاختلاف كله قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ولا جار إلى نفسه» والظنين المتهم، فاختلافهم إنما يعود إلى ما يغلب على ظن كل واحد منهم في أنه متهم في المعنى الذي شهد فيه أو غير متهم فيه؛ إذ هو الذي تعبد