ابن لي حائطي، وقال الآخر: لا أبنيه، فقال مالك: أريتك لو أراد صاحب الحائط أن يسقي به أكان يدعه؟ قال: لا، قال: فإني أرى أن يقضى ببنيانه على صاحب الخليج الذي أفسد حائط الرجل.
قال محمد بن رشد: إنما وجب على رب الخليج بناء الحائط؛ لأنه هو الذي ساق الماء فيه، فأشبه سائق الدابة في وجوب ضمان ما وطئت عليه، فإذا كان لرب الحائط أن يسقي به سقط الضمان عن صاحب الخليج؛ لأن رب الحائط قد ساق الماء فيه معه، فلم ينفد على صاحب الحائط فيما صنعه، وإنما قال: إنه يقضى ببنيانه على صاحب الخليج، ولم يقل: إنه يلزمه قيمته على أصل المذهب في وجوب القيمة في العروض المستهلكة؛ إذ لا قيمة له على انفراده، فإنما يقوم بأن يقول: كم قيمة جميع الحائط قبل أن ينهدم هذا الجدار منه؟ وكم قيمته والجدار مهدوم؟ فتكون قيمة الجدار على الصفة التي كان عليها من البلاء ما بين القيمتين، وقد لا يكون فيما بين القيمتين، ما يقام به الحائط جديدا، فوجب أن يكون على المستهلك للحائط بإجراء الماء في الخليج ما يبنى به الحائط جديدا؛ إذ لا يتحصن لصاحب الحائط حائطه إلا بذلك، وهو معنى