- عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ» فقوله في هذه الرواية: إنما يشرب بها أهلها؛ يريد أهلها، وليشرب أبناء السبيل، ولا يمنع أحد؛ ليس على ظاهره في تساوي حق أهل الماء وغيرهم فيه، وإنما يريد أنه يشرب بها أهلها، ثم يشرب بها أبناء السبيل، فالواو هاهنا على الترتيب لا على التشريك.
وقوله: ولا يمنع من أحد؛ يريد لا يمنع الفضل من أحد، فإن تشاح أهل البئر في التبدئة بدئ الأقرب فالأقرب إلى حافرها، قلت ماشيته أو كثرت، وإن استووا في القرب منه استهموا، فإن اجتمعوا والمارة والماء يقوم بهم كلهم بدئ أنفس أهل الماء، ثم أنفس المارة، ثم دواب أهل الماء، ثم دواب المارة، ثم مواشي أهل الماء، ثم مواشي الناس، وبدأ أشهب دواب المسافرين قبل دواب أهل الماء، وإن لم يقم بهم كلهم وتبدئة أحدهم تجهد الآخرين بدئ من كان الجهد عليه أكثر بتبدئة صاحبه، فإن استووا في الجهد فقيل: إنهم يتواسون في ذلك، وقيل: يبدأ أهل الماء لأنفسهم ودوابهم، وأما إن لم يقم بهم كلهم، وخيف على البعض بتبدئة البعض، فيأخذ أهل الماء لأنفسهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضلٌ أخذ المسافرون لأنفسهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضلٌ أخذ أهل الماء لدوابهم قدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضلٌ أخذ المسافرون لدوابهم قدر ما يذهب الخوف عنهم، ولا اختلاف في هذا الوجه، والبئر والجب والماجل سواء عند مالك.
وذهب المغيرة إلى أن لصاحب الماشية أن يمنع فضلة مائه، ووجه قوله أنه صدقه في أنه احتفر لنفسه لا للصدقة من أجل أنه ليس بمعين بخلاف البئر، ولم يصدقه مالك فيه كما لم يصدقه في البئر، ولو أشهد عند حفره للبئر أنه إنما يحفرها لنفسه لا على وجه الصدقة؛ لكان له أن يمنع فضلة مائها، فالرجل فيما بينه وبين الله في فضلة ماء البئر التي احتفرها في المهامه لماشيته على ما نواه في حفرها، إن كان أراد به الصدقة، لم يجز له