يغيرها عن حالها مما يرى أنه ضرر وجر إلى فساد المخاضة التي هي طريق للعامة.
قلت: فإن كانت المخائض منها على قرب مثل الميل أو الميلين أو الغلوة أو الغلوتين أيجوز له أن يرد الناس إلى بعض تلك المخائض فينتفع هو بما أحب أن يضع في أرضه وموضع رحاه؟ فقال: لا يجوز له تحويل الناس عن طريقهم إلى غيرها، ولا يجوز للناس منعه مما لا يضر بهم، فإن كان يقدر على عمل الرحى ولا يضر ذلك المخاضة ولا يغيرها عن حالها لم يمنع من العمل، قيل له: إن الضرر لا يتبين إلا بعد فراغه من العمل، قال: يقال له إن الذي يريد من العمل يخاف عاقبته، فإن زعمت أنه غير مضر فاعمل، فإن تبين ضرر عملك أبطلناه عليك ورددنا المخاضة على حالها، فإن شاء أن يعمل عمل على ذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه ليس له أن يحدث ما يضر بالمخاضة التي هي ممر المسلمين من تغديرها أو تغويرها أو توعيرها وإن كانت المخائض منها على قرب مثل الميل أو الميلين أو الغلوة أو الغلوتين لما على الناس من المشقة في خروجهم عن طريقهم الغلوة الواحدة وهي منتهى السهم مائتا ذراع فما زاد على ذلك لقول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار» ولو كانت المخائض على القرب جدا لم يمنع من إحداث الرحى على ما قاله في نوازل أصبغ بعد هذا ليسارة المؤونة على الناس في خروجهم عن طريقهم الشيء اليسير، فلا يمنع من منفعته بما يريد أن يحدثه في أرضه لما ليس فيه كبير مشقة على الناس، والأصل في هذا قول رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا اجتمع ضرران ينفي الأصغر الأكبر» لأن منع الرجل