قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة، وقول سحنون معناه فيما بعد من العمران، وأما ما قرب منه فلا يبطل استحقاقه له بتركه إياه حتى يعود إلى حاله الأول، وقوله عندي صحيح على معنى ما في المدونة من أن ما قرب من العمران ليس لأحد أن يستحييه إلا بقطيعة من الإمام القاضي، لأن الإمام القاضي إذا أقطعه إياه صار بمنزلة ما اختط أو اشترى، وقد نص في المدونة على أنه ما استحق أصله بخطط أو شراء لا يزول ملكه عنه بتركه إياه حتى يعود إلى حالته الأولى، ولو أحيا القريب من العمران بغير إذن الإمام القاضي على مذهب من يرى أن ذلك له لبطل حقه فيه بتركه إياه حتى يعود إلى حاله الأولى إذ لا فرق بين القريب والبعيد على مذهب من لا يرى استئذان الإمام القاضي واجبا فيما قرب من العمران ولا فيما بعد منه. وقد روي عن سحنون أن من أحيا مواتا فلا يخرج عن ملكه بتعطيله إياه، وإن عمره غيره كان الأول أحق به، قال ابن عبدوس: قلت له: أو لا يشبه الصيد إذا ند من صائده؟ قال: لا. فيتحصل فيمن أحيا مواتا ثم تركه حتى عاد لحالته الأولى فأحياه غيره ثلاثة أقوال: أحدها أن الثاني أحق به في القريب والبعيد، والثاني أن الأول أحق به في القريب والبعيد، والثالث الفرق بين القريب والبعيد، ولا أعرف نص خلاف في أن من اشترى مواتا أو اختطه لا يزول ملكه عنه بتركه إياه حتى يعود إلى حالته الأولى، إلا أن الاختلاف يدخل في ذلك بالمعنى من مسألة الصيد يند من يد صائده فيستوحش ويصيده غيره، إذ قال محمد بن المواز فيه إن الثاني أحق به، ولم يفرق بين أن يكون الأول قد صاده أو ابتاعه، فيلزم مثل هذا في إحياء الموات، ويتحصل فيه أيضا ثلاثة أقوال: أحدها أن الأول أحق به، والثاني أن الثاني أحق به، والثالث الفرق بين أن يكون الأول أحياه أو اختطه أو اشتراه، فإن كان أحياه كان الثاني أحق به، وإن كان اختطه أو اشتراه كان الأول أحق