قلت: أتراه مثل ما يستحق الرجل بعمارته من دار رجل أجنبي وأرضه أو إنما تراه بحال الوارث أو المولى مع مواليه؟ فقال: ينظر السلطان فيه على قدر ما يعذر به أصحاب أصل الأرض في سكوتهم لما يعلم من افتراق سهامهم وقلة حق أحدهم لو تكلم فيه، فإنه يقول: منعني من الكلام سكوت أشراكي وقلة حقي، فلما خفت تطاول الزمان وما يحدث من دعوى الغامر تكلمت، فأراه أعذر من الذي يستحق عليه من خاصة داره أو خاصة أرضه شيء، ولا أبلغ به حد الورثة فيما بينهم ولا حد المولى الذي يرتفق في أرض مواليه أو الصهر في أرض أصهاره إلا أن يكون ذلك الغامر للرجل أو الرجلين أو النفر القليل فلا يعذرون بسكوتهم ويحملون فيما عمر جارهم من غامر أرضهم على ما يحمل عليه من جيز عليه من داره أو أرضه شيء، قال: وهم فيما يعمر بعضهم من غامرهم المشترك أعذر في السكوت وأوجب حقا وإن طال الزمان جدا.
قال الإمام القاضي: حكم غامر القرية أن يصدق فيه أهل القرية أنه لهم على أصل سهامهم فيها، فإذا عمر منه شيئا من لا حق له فيه من غير أهل القرية أو ممن ليس له في القرية إلا مسكن بعينه أو حقل بعينه بحضرة أهل القرية كان حكمه حكم من حيز عليه ما له وهو حاضر لا يغير ولا ينكر إلا أنه رأى مدة الحيازة في ذلك على أهل القرية أطول من مدة الحيازة على الرجل الأجنبي لما يعذرون به من افتراق سهامهم وقلة حق كل واحد منهم ودون مدة الحيازة على الأوراث والأصهار، وفي حد ذلك اختلاف كثير سيأتي القول فيه في موضعه من سماع يحيى من كتاب الاستحقاق إن شاء الله، وإنما يستحق ما عمر بطول المدة التي ذكر إذا ادعى أنه إنما عمر ذلك باشتراء منهم أو هبة أو صدقة، وأما إذا لم يدع ذلك وأراد أن يستحق