قال: لا بل على الأجزاء والأنصباء فيه، والانتفاع فيه، وهو كالشفعة تكون على قدر الحقوق، وهو أيضا بمنزلة حقوق القسام تكون على قدر الحقوق والأنصباء، ولسنا بقول ابن القاسم فيه إنه على الجماجم، ولا نعلم شيئا من هذا يكون على الجماجم في أنواع العلم إلا كنس المراحيض المشتركة لأن الانتفاع بها وفيها سواء، ولا يحاط فيه بعلم معرفة ذلك، فإن اختنقت الساقية واحتاجت إلى الكنس وكان بعضهم ينتفع بأعلاها وبعض بأسفلها فدعا الأسفلون الأعلين إلى الكنس، وقالوا لهم: تكنسون معنا لأن مجرى مائكم علينا، فإن اختنقت عندنا أضرت بكم، وقال الأعلون: لا حاجة لنا بكنسها، وذكروا أنها ليست مضرة لهم فقال: أرى أن يكنسوا معهم لأن مجرى مائهم فيها.
قلت: فإن اختنقت في أعلاها فدعا الأعلون الأسفلين إلى الكنس فأبوا عليهم؟ قال: ذلك لهم إلا أن يعينوهم، وإنما أمرنا الأعلين بالكنس مع الأسفلين لأن مجرى مائهم ووسخهم عليهم، وليس للأسفلين على الأعلين مجرى.
قال الإمام القاضي: أما إذا اندفنت الساقية في أعلاها قبل أن تصل إلى واحد منهم، وهي إن نقيت وصل الماء إلى جميعهم، وإن لم تنق لم تصل إلى واحد منهم، فالذي ذهب إليه أصبغ من أن حفرها وتنقيتها يكون على قدر الحقوق لا على عدد الجماجم هو الأظهر مما قيل في ذلك لأنه أصل قد اختلف فيه قول ابن القاسم، فله في كتاب الأقضية من المدونة في أجرة القاسم إنما تكون على عدد الرؤوس لا على قدر الأنصباء،