حكمه الماضي له به لأنه وجه شبهة من القضاء والفوت، وإنما هذا بمنزلة ما لو قضى له فاشتراه غيره وأرضى صاحبه المنقوض له منه ومن النفقة وأقره لنفسه أو زاد فيه لم ينبغ في الحق أن يفسخ على هذا المشتري الأجنبي لأنه يصير ذلك بمنزلة محي مستأنف في ذلك الموضع، ولا يكون أيضا للإمام عليه خيار في قلعه أو إثباته بالنظر بزعمه للمسلمين، لا أرى هذا له ليس من قبل أنه علم به فأقره فقط، ولكنه من قبل أنه قد كان لهذا أن يحييه يومئذ لو كان معطلا مهدوما من أصله بغير إذن الإمام القاضي وبغير علمه لأن ذلك سنتهم في أنهارهم وعملهم وعملها مباح لهم فيها من أول الإسلام إلى هلم جرا لا يستأذنون إماما فيه لأن أنهارهم إنما هي لهذا ولمثله من المنافع، وهذا الغالب عليها ولمصائدهم كنحو أرحيتهم ليست مساقي في طرق حمالة ولا سيارة ولا مساقي لغيرها من الأرض ولا مركوبة فيمنعون المارة وغيرها فيمنعون حينئذ، وليست لها مصارف إلا هذه المنافع فهي لهم فيها وإن قربت من العمران.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة أرحى القنطرة بقرطبة لما نزلت كتب فيها إلى أصبغ، فأجاب فيها بهذا الجواب، وهو جواب صحيح على مذهبه في أنه لا يلزم استئذان الإمام القاضي في إنشاء الأرحى على الأنهار فيما قرب من العمران لأن الواجب كان في ذلك على أصله هذا إذا كان الغاصب قد خرب الرحى التي غصبها وغدر موضعها بالرحى التي أحدث تحتها حتى لا يمكن أن تعاد فيها الرحى أن يقر الرحى الثانية للغاصب على حالها، ويكون عليه للمغصوب قيمة رحى مبنية على ما كانت عليه يوم هدمها