المشتري وقد باع راوية وبقيت في يده راوية فأراد البائع أخذها بعينها، قال: أما في هذا الوجه فإني أرى حين اقتضى عشرة أنه قبض نصف ثمن كل راوية، فأرى أن يرد خمسة دنانير نصف ثمن الراوية التي أدرك بعينها، ثم يكون أحق بها من الغرماء، وكذلك أيضا لو باع عشرة روايا زيت بمائة دينار ثم اقتضى خمسين وبقيت له خمسون فأفلس المشتري وقد باعها إلا راوية واحدة فأراد البائع أخذها ولا يدخل الغرماء فيها أنه يرد خمسة دنانير نصف ثمن الراوية هذه التي أدرك، وذلك أنه حين قبض خمسين دينارا فقد اقتضى نصف ثمن كل راوية، فعلى نحو هذا يكون فيما نرى، وما كان من هذا الصنف وما أشبهه من الأعدال التي تباع بالمال العظيم وأثمانها مستوية في جملة واحدة فينتقد بعض الثمن فإنه ما انتقد من الثمن إنما ينتقده من ثمن جميعها إن كان قليلا أو كثيرا، فعلى هذا يحسب إذا نزل مثل هذا الأمر في المفلس، فكل ما كان من هذا النحو فإن الأمر فيه إذا جاءت فيه هذه المنزلة مثل ما وصفنا فيمن وجد ماله بعينه وقد أخذ بعض الثمن وباع بعضا، وقد فسرنا ذلك في موضع غير هذا، فذلك كذلك، قال مالك: إلا أن يشاء الغرماء في الراوية إذا وجدها أن يدفعوا إليه ما بقي من ثمنها ويأخذوها فذلك لهم.
قال الإمام القاضي: هذه مسألة فيها في المذهب قولان: أحدهما هذا أن العشرة المقبوضة من ثمن الراويتين تفض على ما باع منها المبتاع المفلس وعلى ما وجد قائما بيده، فلا يكون للبائع أن يأخذ الراوية التي