في المدونة وعلى معنى ما تقدم في رسم قطع الشجر من سماع ابن القاسم، وفي بعض وجوهها اختلاف.
فأما قوله: إذا فلس المكتري بعد ستة أشهر إن صاحب الدار يخير فإن شاء ترك الدار إلى تمام السنة وحاص الغرماء بثلاثة دنانير في مال المفلس، فلا أعرف فيه نص خلاف، إلا أنه داخل فيه بالمعنى، وذلك أن هذا إنما يصح على قياس قول أشهب الذي يرى قبض أوائل الكراء قبضا لجميع الكراء، فيجيز أخذ الدار للمكري من الدين.
وأما ابن القاسم فالقياس على أصله أن يحاص الغرماء بكراء ما مضى ويأخذ داره، ولا يكون له أن يسلمها ويحاص الغرماء بالثلاثة دنانير.
وإذا أسلم الدار وحاص الغرماء ببقية كرائه قبض ما صار له في المحاصة إن كان الكراء وقع بالنقد.
وأما إن لم يكن وقع بالنقد ولا كان العرف فيه النقد فلا يجب أن يقبض ما صار له في المحاصة؛ لأنه لم يسلم السكنى، ويوقف، فكلما سكن شيئا أخذ بقدره من ذلك.
وأما قوله فإن أبى إلا أن يأخذ داره رد نصف الثلاثة التي قبض وقبض داره، ففيه ثلاثة أقوال في المذهب: أحدها هذا، والثاني: أنه ليس له أن يأخذها إلا أن يرد الثلاثة التي قبض وهو الذي يأتي على ما في الموطأ لمالك، والثالث: أن له أن يأخذ داره ولا يرد شيئا، وتكون الثلاثة التي قبض ثمن الستة التي سكن، روي ذلك عن ابن أبي زيد وهو مذهب الشافعي.
وأهل الظاهر يقولون إنه إذا قبض من الثمن شيئا فهو أسوة الغرماء بجميع ما بقي له منه، ولا يكون له حق في أخذ شيء مما أدرك بدليل قوله في الحديث:«أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به» .
واختلف إذا أعطاه الغرماء دينارا ونصفا تمام كراء الستة الأشهر التي بقيت وأخذوا الدار إلى تمام السنة، فقيل: إنهم يكونون أحق بها ويحاص صاحب الدار بدينار ونصف في مال المفلس سوى الدار، وهو