قال: يغرم ختنه نصف الصداق كاملا إلى وصيه وإن أقر له السفيه أنه قد اقتضاه كله لم يبره ذلك وكان عليه غرمه مرة أخرى؛ لأنه لم يكن له أن يعطيه شيئا.
وأما نكاحه على ما ذكرت من صلاحه من غير إذن وليه فهو جائز، وهو مثل ما لو أذن له وليه إذا كان يوم تزوج على ما ذكرت من حسن حاله.
قال محمد بن رشد: أجاز ابن القاسم نكاح اليتيم بغير إذن وصيه إذا كان في تلك الحال رشيدا في أحواله، وهذا هو المعلوم من مذهبه المشهور من أقواله أن الولاية الثابتة على اليتيم لا يعتبر بثبوتها إذا علم الرشد ولا بسقوطها إذا علم السفه، خلاف للمشهور من مذهب مالك وعامة أصحابه أن المولى عليه بوصي من قبل أب أو مقدم من قبل سلطان لا تجوز أفعاله وإن علم رشده حتى يطلق من الولاية التي لزمته.
وقد روى زونان عن ابن القاسم مثل قول مالك، وروى ابن وهب عن مالك مثل قول ابن القاسم.
وأما اليتيم الذي لم يوص به أبوه إلى أحد ولا قدم عليه السلطان وليا ولا ناظرا ففي ذلك أربعة أقوال:
أحدها: أن أفعاله كلها بعد البلوغ جائزة نافذة رشيدا كان أو سفيها معلنا بالسفه أو غير معلن به، اتصل سفهه من حيت بلوغه أو سفه بعد أن أنس منه الرشد من غير تفصيل في شيء من ذلك، وهو قول مالك وكبراء أصحابه.
والثاني: أنه إن كان متصل السفه من حين بلوغه فلا يجوز شيء من أفعاله، وأما إن سفه بعد أن أنس منه الرشد فأفعاله جائزة عليه ولازمة ما لم يكن بيعه بيع سفه وخديعة بينة، مثل أن يبيع ثمن ألف دينار بمائة دينار وما أشبه ذلك، فلا يجوز ذلك عليه ولا يتبع بالثمن إن أفسده من غير تفصيل بين أن يكون معلنا بالسفه أو غير معلن به، وهو قول مطرف وابن الماجشون.
والثالث: أنه إن كان معلنا بالسفه فأفعاله غير جائزة، وإن لم يكن معلنا به فأفعاله جائزة، من غير تفصيل بين أن يتصل سفهه أو لا يتصل، وهو قول أصبغ.