قال محمد بن رشد: قوله تكون في بيت بكراء، يريد كراء لوجيبة معلومة تستغرق العدة، بدليل قوله: وإن لم يؤد كانت أولى وكان عليها الكراء، إذ لو كان الكراء مشاهرة لكان أهل الدار أحق بدراهم.
وقوله: إن كان زوجها قد غرم الكراء فهي أولى به صحيح؛ لأنه إذا غرم الكراء صار السكنى حقا من حقوقه، فوجب أن تكون المرأة أحق به من الغرماء، كما كانت تكون أحق به من الورثة لو مات بعد أن بت طلاقها وهي ساكنة فيها، وكما كانت تكون أحق به منهم في عدة الوفاة.
وقوله: إن الكراء يكون عليها من مالها إن كان الزوج لم يؤده قبل أن يفلس صحيح، يريد: ولا تحاص به الغرماء إذ لم يجب لها قبل التفليس، وإنما يجب لها في المستقبل.
وقوله هذا يدل على قياس قول ابن القاسم في المدنية في الذي يطلق امرأته طلاقا بائنا ثم يموت: إن حق المرأة لا يسقط في السكنى إن كانت الدار للميت أو كانت بكراء فنقد الكراء، ويسقط إن لم تكن الدار للميت؛ لأن القياس يوجب أن تكون أحق من الغرماء في التفليس في الموضع الذي تكون فيه أحق من الورثة في الموت.
ويجب في هذه المسألة إذا فلس الزوج قبل أن ينقد الكراء أن يحاص به الغرماء على قياس قول ابن القاسم في كتاب طلاق السنة من المدونة: إن الكراء لا يسقط عن الزوج بالموت إذا طلق ثم مات؛ لأنه إذا لم يسقط بالموت وكان دينا من الديون يبدأ في الموت على الميراث وجب ألا يسقط في التفليس وأن يكون دينا من الديون يحاص به الغرماء.
ويجب في هذه المسألة ألا تكون المرأة أحق بالسكنى وإن كان الزوج قد نقد الكراء على قياس رواية ابن نافع عن مالك في كتاب طلاق السنة من أن السكن الواجب بالطلاق يسقط بالموت، كان المسكن للميت أو لم يكن.
ولو طلقها ولا مسكن له فدفع إليها خراج عدتها ثم فلس لتخرج ذلك على قولين: أحدهما: أن الغرماء أولى بذلك، والثاني: أنها هي أولى به منهم إن كان يوم دفع ذلك إليها قائم الوجه.
وقد تكلمنا على وجه تخريج هذين القولين في رسم نقدها من سماع عيسى من كتاب الرضاع فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا، وبالله التوفيق.