دينار وقد قضيتني منها مائة فاقضني المائة الباقية، فقال الرجل: ما لك علي شيء ولا كان لك عندي شيء قط، ولكنك مقر بأنك قبضت مني مائة دينار، فأثبت أنها كانت لك علي من دين، وإلا فارددها علي. أفترى يرد عليه إذا لم يثبت أنها كانت له دينا عليه؟ أم لا ترى ذلك عليه؟
قال: يقال لهذا المقر له: بأي شيء دفعت إليه ما قال إنه قبضه منك؟
فإن قال: دفعت إليه وديعة وما كان له عندي شيء قط حلف على قوله بالله أنه دفعها إليه وديعة أو سلفا إن ادعاه، ثم يبرأ من الذي ادعاه عليه بعد أن يحلف ما كان له عليه شيء قط ويأخذ المائة.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة جارية على أصل اختلف فيه قول ابن القاسم في غير ما مسألة، من ذلك قوله في الرجل يقر بوطء أمة رجل ويدعي أنه اشتراها منه وينكر سيدها أن يكون باعها منه، فالمشهور من قول ابن القاسم في المدونة وغيرها أنه يحد إن لم يقم بينة على الشراء، وروى عيسى عنه في رسم استأذن من سماع عيسى من كتاب الأقضية أنه يدرأ عنه الحد بالشبهة، وهو الذي يأتي على قول أشهب أنه لا يؤخذ أحد بأكثر مما أقر به على نفسه، وهو لم يقر بزنا وإنما أقر بوطء من يحل له على زعمه.
فجواب يحيى بن يحيى في هذه المسألة على المشهور من مذهب ابن القاسم؛ لأن مدعي المائتين يقر أنه قبض من المدعى عليه مائة ويدعي أنه قبضها من حق واجب له، فعليه أن يقيم البينة على ذلك، فإن عجز عن إقامة البينة حلف المدعى عليه أنه ما له عليه حق وأخذ منه المائة التي أقر أنه قبضها منه.
قال في الرواية بعد يمينه على ما يدعي من أنه دفعها إليه وديعة أو سلفا، واعترض ذلك ابن دحون، فقال: لا يلزمه أن يحلف أنها وديعة أو سلف؛ لأن القابض قد أقر بالقبض وادعى أنه قبضها من دين له فليس على البائع أكثر من اليمين أنه ليس له عليه شيء، وليس باعتراض بين؛ لأنه لم يقر أنه قبض المائة إلا من حق واجب له، فإذا لم يصدق في ذلك وكان مدعيا فيه وجب أن يكون القول قول المدعى عليه إنه دفعها إليه